شهادة صحافي… في أسبوع الصحافة!
النشرة الدولية –
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان” :
في الأسبوع العالمي للصحافة، نجدد الوفاء بحق كل قارئ، مستمع، أو مشاهد، في معرفة الحقيقة.
فكانت وما تزال الصحافة سلطة رابعة، وكان الدفاع عن الوصول لأدواتها واستيفاء المعلومات التي تسمح للصحافي بتأدية وظيفته مطلبًا مفصليًا من أجل أدائها، والوصول إلى الهدف المنشود.
العبور إلى أسبوع الصحافة يستلزم منا العودة إلى الوراء للوقوف على بعض النقاط التي ميّزت العمل الصحافي سابقًا. فمن الورقة إلى شاشات الحاسوب والهواتف، تطورت المفاهيم والتقنيات، وباتت الصحافة الورقية كالموضة القديمة لكنها لا زالت متواجدة لراغبيها. أما كل مواطن، فأصبح مراسلًا، أمرٌ يسهّل الوصول إلى المعلومات، ولكن سرعة نشرها تضع مصداقية الوسائل الإعلامية على المحك.
لو ألقينا نظرة على الصحافة وأقمنا مقارنة بين الماضي والحاضر، لوجدنا فرقًا شاسعًا، حيث كان الصحافي في الماضي يواجه صعوبات جمّة لجهة جلب الأخبار وكتابتها وصياغتها ثم إنزالها في الصحيفة الورقية وطرحها في السوق ليتمكن القارئ من قراءتها، أما الآن فالصحافة تطورت تطورًا كبيرًا من حيث الجودة وسرعة إنزال الخبر في وقت وجيز.
وفي هذه المناسبة، يؤكد الإعلامي منير الحافي، الذي واكب التطور الإعلامي على مدار السنوات، في حديث لـ “هنا لبنان”، أنه كصحافي وإعلامي في التلفزيون، عايش فترة التسعينيات وما بعدها حتى هذه اللحظة، ولا شك أن تطوراً كبيراً حدث في مجالَيْ الصحافة والإعلام خلال عقدين ونيف من الزمن.
فالتطورُ التقني وتسارع الاختراعات في مجال الصورة وكيفية نقلها، بحسب الحافي، أثّرت كثيراً في موضوع الإعلام خصوصاً الرقمي.
وفي بداية عمله الصحافي في منتصف التسعينيات، كان لزاماً على كل من يحترف المهنة، الالتزام بالأخلاقيات الصحافية بشكل مشدد، وكان ممنوعًا نقل أي أمر أو منظر مؤذٍ للعين أو للأذن إلى المشاهد. فمثلاً ممنوع تصوير الجثة أو أي أمر لا أخلاقي.
اليوم، يؤكد الحافي، أن المحترفين يلتزمون بمعظمهم، أخلاقيات الصحافة، لكن مع الوجود الهائل لمواقع التواصل والمواقع الإلكترونية غير المنظمة، ومجموعات الواتس أب العشوائية، يمكن أن يكون أي شخص “مراسلاً” و”كاتباً” أو ناشطاً في مجال الصحافة والإعلام، في حين قد لا يلتزم هؤلاء أدبيات المهنة وقد لا يعرفونها أصلاً! لذلك كثرت في هذه الأيام الصور المؤذية، والأخبار غير الدقيقة، وأحياناً المواقف المركّبة.
إلى ذلك، يشير الحافي، إلى أن تطور وسائل الإعلام وسرعتها، أمرٌ جيد، لكنه سيفٌ ذو حدّين، ويجب الحذر كثيراً من أي خبر أو مقال أو صورة. والأفضل حتماً، أخذُ الإعلام من محترفيه.
وفي وقت نعرف فيه أهمية الكم الهائل لتدفق المعلومات التي أصبحت متاحة لكل مواطن، بفضل الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، ومدى قدرة هذه المعلومات على تشكيل غذاء فكري وتنوّع من حيث المصادر، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في مصداقية الأخبار، هذا ما أكده الإعلامي ماريو عبود في حديث لـ “هنا لبنان”.
فالحاجة اليوم، بحسب عبود، باتت أكثر من ملحة للمعلومات ووفرتها، والأهم من ذلك التأكد من دقة هذه المعلومة. لذلك تتميّز وسائل الإعلام التقليدية عن الإعلام الجديد، بنقطة أساسية تتلخّص بالتالي:
الوسيلة التقليدية، غير قادرة إلى حد ما، على مواكبة الخبر لحظة بلحظة، أو تستغرق وقتاً أكثر في توزيع الخبر، ولكن يبقى لأصحاب هذه الوسائل هاجس عدم تقديم معلومة خاطئة للمتلقي، في حين أن الوسائل الجديدة التي تنشر الأخبار لن تُحاسب، ومعظمها مجهولة المصدر.
إذاً على الصحافي أن يجمع بين وسائل الإعلام التقليدية التي يقف خلفها مكتب تحرير وإدارة، وما بين الإعلام الجديد، من خلال استيفاء الكم الأكبر من الأخبار والتفاعل معها والتحقق منها ونشرها بشكل يأخذ طابعًا رسميًّا وجديًّا “لأننا لا نسمح لأنفسنا تبني المعلومات من دون التدقق من صحتها عبر شبكة علاقات يحبكها الإعلامي”، بحسب عبود.
إذاً، يشير عبود لـ “هنا لبنان” إلى أن العمل الصحافي يزداد صعوبة في عصرنا هذا، لأننا بتنا أمام كم هائل من الأخبار التي توازي عدد الدقائق، والتحدي الأكبر، أن يبقى الصحافي مصدر ثقة للمتلقي.
من جهته، يؤكد الإعلامي جان نخول في حديثٍ لـ”هنا لبنان”، أن مفهوم الصحافة تغير عبر الزمن، ولم يعد المشاهد ينتظر نشرات الأخبار، أو إصدارات الصحف، أو حتى الإذاعة لمعرفة المستجدات، بل أصبح من السهل الوصول إلى المعلومات. لذلك بات من الصعب على المراسل أو معدّ نشرات الأخبار، لفت نظر المتلقي وتشويقه لمتابعة النشرات وإضفاء معلومة جديدة على الأخبار المتداولة.
وتحدّث نخول عن تراجع المستوى الثقافي والفكري والعلمي لدى شريحة كبيرة، لافتاً إلى أن الانهيار ليس فقط اقتصاديًّا بل فكري وأخلاقي. كما أن الصعوبة تكمن في المجهود الأكبر الذي يجب وضعه لصنع محتوى جيد يقنع المشاهد، والإدارات والمسؤولين.