أكلونا التجار.. وملاحظات عدة (1 – 2)
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

1 – لوضع الأمور في نصابها الصحيح، وليس دفاعاً عن الأخ محمد الصقر، فكلامه الذي استفز البعض جاء في سياق الرد على السؤال المستفز والاتهامي من السائل عن حقيقة أن التجار، أو بعضهم، فاسدون، وأن مجلس إدارة الغرفة هو الذي يتخذ القرار السياسي، فكان رده توضيحياً، لا أكثر!

هذا بخلاف ما يعتقده بعض «المرضى» من أن التجار سبب كل بلاء!

2 – اعتراض البعض على كلام محمد الصقر، واعتباره عنصرياً وفوقياً وطبقياً، مُضحك ومُبك في وقت واحد! فهذا الشعور بالطبقية والاختلاف، العرقي والديني، والمذهبي والقبلي، متجذر في النفوس لأسباب دينية واجتماعية وثقافية واقتصادية، وحتى ضمن الأسرة الواحدة، التي لا «يتشرف» فيها أحياناً الأخ بأخيه، لأنه تزوج ممن تنتمي إلى غير طبقتهم، أو «من غير مواخيذهم»! ونجد ما يماثل ذلك حتى في المجتمعات الاشتراكية، كالصين، وفي الديموقراطيات العريقة، كإنكلترا!

وبالتالي على من انتقدوا تصريحات الصقر أن يسألوا أنفسهم، قبل أن يعطوها الحق في استنكار تصريحاته، هل يحملون نفس مشاعر الفوقية تجاه من يعتقدون أنهم أدنى منهم «مجتمعياً ومذهبياً ومالياً»؟

فلماذا يحق لفئة ممارسة العنصرية والفوقية خفية، وينكرونها على غيرهم علانية؟ فهل نحن جميعاً منزهون عن العنصرية، على افتراض أن ما قاله الأخ محمد الصقر عنصري، ولا يمت لحقائق التاريخ بصلة؟

الجواب «لا» في الغالب، ولا حاجة إلى ضرب الأمثلة. وقديماً قيل على لسان السيد المسيح: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر!

3 – قلة من النواب حارب بشراسة لكشف وإدانة من كانوا وراء سرقات الناقلات، وكان النائب السابق «محمد الصقر» الأكثر شراسة وقوة، والأكثر مخاطرة بمصالحه حينها، وربما جاء الوقت لأن يدفع الثمن، ولو كان عن طريق إثارة الغير ضده، وتشويه سمعته.

4 – ليس لأية طبقة في أي مجتمع فضل على طبقاته الأخرى، هذه حقيقة مسلم بها، ولكن الحقيقة الأخرى تكمن في أن لفئات من المجتمع دوراً سياسياً وقانونياً واقتصادياً أكبر من غيرها، بحكم طبائع الأمور. فالنخب الرائدة والمثقفة، التي قد لا تكون ثرية بالضرورة، هي التي وضعت دساتير العالم وعقودها الاجتماعية، وهي التي صاغت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ووقفت مع تحرير البشر من نير الرق، بعد ظلم وعبودية استمرت لآلاف السنين بقوانين دينية ووضعية لم يكن من السهل التخلي عنها! ولم يكن وارداً ولا متوقعاً من أصحاب المهن البسيطة ترك مصدر رزقهم الوحيد والتفرغ لصياغة الدساتير وتحرير البشر!

5 – كان لتجار الكويت، في مرحلة تأسيس الدولة، دور لا يمكن إنكاره، ولم يطلب أحد أن تبقى الأمة مدينة لهم، ولا داع للتقليل من ذلك الدور أو تعظيمه، فقد كانت مرحلة من التاريخ وانتهت مع تأسيس الدولة المدنية التي يحكمها الدستور، أو هكذا يفترض. وكنت في ثمانينيات القرن الماضي موظفاً صغيراً ومديراً كبيراً في واحد من أهم المصارف، وشاهداً، طوال عشرين عاماً، وقبلها بكثير، على دور طبقة التجار الوطنيين، الحاسم، في عشرات المبادرات الحيوية، التي لم يتصدَ لتحقيقها فريق غيرهم، ودونت ذلك في الكثير من المقالات.

وإلى مقال الغد.

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى