الهروب صوب الأمل صناعة أوليغارشية..فمن المستفيد في النهاية..؟!!
بقلم: صالح الراشد
رعب يُطارد النفس يسكن فيها، إنكسار على الحدود المشتعلة، إنتظارٌ للقمة عيش وغطاء يدفء الجسد لا القلب، عيون تجوب الفضاء وتنظر للسماء تبحث عن إجابة واحدة لسؤال يطرحه الجميع ولا يجدون له إجابات تشفي القلوب والصدور، سؤال يتضخم ويكبر ، لماذا أنا؟، لماذا نحن؟، ودوماً تختلط الإجابات بالدموع والحسرات فيتوقف العقل عن حسابات المستقبل التي تبدوا في تلك اللحظات كطلاسم السحر، فوجع الأنا وإن كان محفزاً للحياة والأمل إلا أنه موجع وقاتل، فالمجرمون يقودون دول كُبرى ويبحثون عن الحفاظ على مناصبهم لو أشعلوا العالم وأشغلوه ببحور من الكذب والدماء.
هو تاريخ من الألم صنعته القارة العجوز، موت هنا وقتل هناك ومدافن لها بدايات ولا تعترف بالنهايات، تاريخ من القهر واستعباد الشعوب والتحكم في مصيرها، تاريخ من الحروب التي شوهت الماضي وصنعت مستقبل على قياس قوى الظلام التي تحكم الدول وقادتها وشعوبها، لتقع أوروبا في قبضة من لا يرحم واستعمار الأوليغارشية الحديثة، التي تُدير المال بسيطرتها على الاوراق المالية والاتصالات والإعلام والداء والدواء والطاقة والسلاح، فتنقلت بالبشر في القرن الأخير من صدمة الإنهيار المالي، لصدمة تطور الإتصالات التي تجعل البشر كتاب مفتوح يشعر بالحاجة لكل جديد، ثم صدمت البشرية بصناعة جائحة كورونا من بدايتها وحتى نهايتها التراجيدية، فأوقفت حروب عسكرية وأشعلت حروب إقتصادية لتفتك بالبشرية، ليسير العالم على حبل مشدود يقوده لسقوط مالي مُريع، لينتشر الهلع والخوف في كل زقاف في بلاد العالم، لترتفع أسعار الطاقة والغذاء والدواء بفضل ماكينة التجهيل الإعلامي صانعة الرعب والموت البطيء.
لقد سيطرت الأوليغارشية على جميع مقدرات الدول وتوافقت هذه الأوليغارشية بين الدول ، وركزت على أن لا يخرج الغذاء عن سيطرتها لتُمارس صناعة الجوع بأبشع الطرق، فادركت ان سيطرتها على العالم تتزايد وتُصبحُ أقوى بتزايد الهلع والخوف والشعور بالحاجة وعدم الأمان، ليصبح الهروب صوب بلاد الحلم والأمل كالعبور للجنة، لتبدوا هذه الجنان أكثر جمالاً وأماناً بفضل خراب الدول البعيدة التي يهاجر أبنائها صوب المال والمستقبل معتقدين ان تلك الدول قد تمننت عليهم، لكن الحسابات تقول ان هذه الدول تصنع الحروب لتشجع الهجرة إليها في ظل الإختلالات التي أصابت معدلات النمو السكاني والذي يُشير إلى إقتراب نهاية القارة العجوز ووفاتها بصورتها الحالية.
لقد وقفت أوروبا شاهدة على حروب العالم الثالث التي تسببت في هجرات متعددة أرضت الغرور والأمل الأوروبي، كون الأمر يتناسب مع الرغبات الدفينة فيها بزيادة تجارة الأسلحة، وضمان إمداد دولها بقوة شبابية حالية ومستقبلية قادرة على الحفاظ على معدل النمو والتنمية، واليوم وصل اللجوء لشرق القارة التي اصبحت على فوهة بركان وقد تصل لمرحلة الانفجار وينتقل العديد من سكانها صوب أوروبا الغربية لضمان نهضتها، ولا يدرك زعماء الغرب بأن اللجوء إن كان أوكراني أو عربي أو افريقي هو ألم العمر وسقوط الانسانية في آبار الحرمان من مقومات الحياة والتاريخ، لكنهم في الغرب صُناع الموت لا يشعرون بهذا القهر إلا إذا كان لهم منه نصيب، وفي حال استمرار الحروب فإن قارة القهر ستتحول إلى مصنع للموت الداخلي ولن تبقى تلك القارة على حالها وستتغير ثقافتها وفكرها وقد تصل لمرحلة تغيير دينها، فهل أخطأت الأوليغارشية في حساباتها ويكون المستفيد دول لم تكن بالحسبان؟، هذا ما ستفصح عنه الأيام الحُبلى بالمفاجآت..!!