لماذا يتأثر العربي أولا بكل الأزمات؟
بقلم: ماهر أبو طير
النشرة الدولية –
محزنة جدا، قصة العالم العربي فهذه الدول لا تحتمل أي ازمة، ويكفي ان نرى تأثيرات الازمات الدولية عليها، من وباء كوفيد 19 وصولا إلى الحرب بين روسيا واوكرانيا، وتأثيراتها الممتدة.
برغم ان العالم العربي ثري جدا، من حيث موارد النفط والغاز والمياه والاراضي الصالحة للزراعة، وتوفر كل انواع المعادن والثروات الطبيعية، وصولا إلى ما يرتبط ببقية القطاعات، الا ان اي ازمة تهز هذا العالم العربي، فهو عالم هش وضعيف، ويعيش في اغلبه على الاستيراد، ويعتمد على بقية الامم، في الغذاء والدواء والتكنولوجيا، وبقية القطاعات التي نعرفها، وتؤثر على حياتنا ومستقبلنا.
مع اول رصاصة في الحرب الروسية الاوكرانية، بدأت الآثار تظهر في العالم العربي، والكل يواجه مشكلات اليوم، على مستوى استيراد القمح، مرورا بسعر النفط، وقد نرى تداعيات مختلفة خلال الفترة المقبلة، ولا دولة عربية لديها احتياطها المنتج داخليا، وقد نتضرر من هذه الازمات اكثر من الدول التي تحارب ذاتها، لأن البنى التحتية اقتصاديا وزراعيا وعلميا، غير قائمة وغير متوفرة.
قد يقال هنا ان تأثيرات الازمات لا تعصف بالعالم العربي، وحيدا، اذ حتى الدول الكبرى تعاني، ونشهد في اوروبا واميركا ومواقع اخرى ردات فعل بسبب الحرب على مستوى الوقود واسعاره، والغلاء بشكل عام وهذا صحيح، الا ان الفرق هنا، يكمن في ان تلك الدول قد تعاني في بعض القطاعات، الا أن لديها قدرات مالية على ادامة الاقتصاد، والاستفادة من منتجاتها المحلية، على مستوى الزراعة، او الصناعة، او الادوية، او التكنولوجيا، وغير ذلك، فيما العالم العربي لا يتوفر لديه الحد الادنى الذي يخفف عنه حدة هذه الازمات، وتأثيراتها، ونكون كأننا في وسط الحرب.
لا يعقل هنا ان يتضرر اغلب العالم العربي، وكأنه فقير جدا، بلا موارد، لكن الواقع يؤشر إلى ان حكومات عربية كثيرة وبشكل متراكم، وبسبب الفساد وسوء الادارة، وهدر الموارد، ومنع التنمية العلمية والزراعية والاقتصادية، تجلس اليوم على قارعة الطريق، لاتجد القمح، وتغرق في الديون، وليس لديها اي قدرة على تحمل اغلاقات العالم، او توتراته، بطريقة منطقية ومعقولة.
هذا يعني اننا اضعنا في اغلبنا عشرات السنين، دون بناء دول حقيقية لديها موارد، ولديها قدرة على البقاء في الظروف العادية والازمات، والمشكلة ان مواطني بعض الدول اعتادوا على هذا الوضع، وكأنه مجرد قدر مفروض عليهم، برغم انه وضع غير طبيعي، يقترب من العقاب اليومي.
هناك نماذج مبهرة تم تدميرها بكل الوسائل، ومن بينها الاقتصاد السوري، الذي صمد كل هذه السنوات في ظل حرب طاحنة، وكان يتسم بعدم مديونيته وقدرته على الاكتفاء محليا من سلع ومنتجات كثيرة، تعاني اليوم من الغلاء بسبب تدهور سعر الليرة السورية، وتفاصيل ثانية.
برغم عبور العالم العربي لأزمات وحروب في تواقيت سابقة، الا ان اغلب الدول العربية لم تتعلم، ولم تغير طريقتها، وتجهيل الشعوب جار على قدم وساق، عبر شهادات اكاديمية لا قيمة لها في التنافسية، اضافة إلى تردي الخدمات الصحية، وكل خدمات المواطنين، فوق سياسات الافقار، وتدمير مستقبل الافراد، عبر اغراقهم بالبطالة، وغياب المستقبل، وانعدام التخطيط.
هذه ليست مطالعة تذمر، لكن علينا ان نلاحظ ان العالم العربي، مكشوف الظهر، لا يحتمل اي ازمة، برغم كل موارده التي تم تبديدها، وهو اكبر المتأثرين عند كل ازمة او حرب دولية.