الاحزاب الاسلامية .. مساحة فارغة
بقلم: سميح المعايطة
النشرة الدولية –
في كل الساحات ومنها ساحتنا الاردنية هنالك مساحة شعبية وسياسية مهمة للاحزاب والحركات الاسلامية ،مساحة لها علاقة بشكل اساسي بتدين الناس وانحيازهم للقوى الاسلامية بخطابها السياسي والاجتماعي، وعبر قرن من الزمن استطاعت جماعة الإخوان المسلمين ان تحتل نسبة جيدة من هذه المساحة معتمدة على ادوات بسيطة لكنها مؤثرة مثل المؤسسات الخيرية والمساجد والقضية الفلسطينية والعمل الطلابي في المدارس والجامعات والمرأة وقضايا الشعوب الاسلامية مثل افغانستان وكشمير ولبنان، وفي مراحل متأخرة دخلت الى تحالفات اقليمية ودولية وخاصة في ال ١٥ عاما الاخيرة مع الولايات المتحدة وتركيا فضلا عن علاقات عربية.
ولعل فترة الربيع العربي زادت كثيرا من شهوة الحكم لدى الاخوان المصريين فكان التفاهم مع الديمقراطين في امريكا الذين كانوا يحكمون وكان التفاهم على امور منها الابتعاد عن فكرة تحكيم الشريعة ومعاهدة كامب ديفيد وملف الاقليات والمرأة، فجاءوا الى الحكم ولم يقترب من المحرمات التي اتفقوا فيها مع امريكا لكن الامور انقلبت في العالم والاقليم فخسر الاخوان حكم مصر ووجودهم هناك وكذلك السودان وسوريا وتونس ، واصبحوا عدوا لدول مهمة في الإقليم مثل السعودية والإمارات.
وفي الاردن خسروا علاقتهم مع مؤسسة الحكم وخسروا ثقته بهم ،وخرجوا قانونيا من دائرة الشرعية القانونية، لانهم تعاملوا مع الاردن بعقلية الانتصار الاقليمي وليس وفق معادلة علاقتهم التاريخية.
مازال الاخوان موجودون تحت لافتة حزب جبهة العمل الاسلامي لكن معادلة العلاقة مع الدولة اختلفت،وكلما اتيحت لهم فرصة اضاعوها ،فقد كانوا جزءا من اللجنة الملكية للإصلاح لكنهم في مجلس النواب انقلبوا على مخرجاتها ،وغابوا عن انتخابات الحكم المحلي رغم ان العديد من أعضاءهم شاركوا ودعمهم الحزب.
ومن ثنايا الاخوان خرج حزب الوسط الاسلامي منذ سنوات ثم خرج حزب زمزم وجمعية الاخوان المسلمين المرخصة، وهما حزبان اندماجا مؤخرا استعدادا للمرحلة السياسية القادمة.
هنالك جزء من مساحة العمل الاسلامي مازال الاخوان يحتلونها لكنهم يتراجعون لاسباب داخلية وخارجية ،وفقدت الجماعة والحزب كثيرا من الحضور فضلا عن معاناتها الداخلية التي يعرفها كل متابع ،وهناك مساحة كبيرة للعمل الاسلامي تحتاج الى من يملأها وهذا هو التحدي امام الحزب الجديد الذي مارسه بشقيه خلال السنوات الماضية استرخاءا شديدا واكتفوا بالوجود القانوني دون ان يبذلوا مايجب من جهد نحو الناس ،ودون ان يوسعوا إطار حضورهم الشعبي والسياسي، وهما حزبان لديهما مخزون خبرة كبير في العمل التنظيمي لان معظم قيادتهما كانوا من قادة الاخوان ويعلمون كيف يمكن العمل في الشارع ومع الراي العام.
ولذا كانت جماعة الاخوان المسلمين تعجز عن اجراء مراجعة حقيقيه للسنوات العشرين الاخيرة فان حزب الوسط ومعه زمزم لم يستطيعا حتى الان الانتقال إلى مرحلة الاحزاب الشعبية ولا اتحدث هنا عن عدد الأعضاء بل عن الانتشار والاستفادة من المساحات الفارغة التي تحتاج الى من يملأها في العمل الاسلامي.