ساعات عصيبة عاشها البلد… والسنّة تأهبوا دعماً لميقاتي
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
ليس بسيطاً أن يؤدي خلاف على التوقيت إلى هذا الإنقسام بين المسيحيين والمسلمين في لبنان ولا هو طبيعي أن يشهر الكل أسحلته فيُخرج مواقف تثبت عدم أهلية هذا البلد على إدارة أموره بنفسه. منذ خرج السوريون من لبنان ونحن كما نحن نفتقد إلى من يعيدنا إلى رشدنا الوطني ويصوب البوصلة باتجاه اجتراح الحلول للخروج من الأزمة لا تعميقها. كل ما شهدته الأيام الماضية ليس له تبرير. من الدقائق المسربة إلى فضح المضمون إلى زوبعة المواقف الشاجبة. في عز الأزمة وفي بلد بلغ فيه الإنهيار المالي مداه وتجاوز سعر صرف الدولار فيه المائة ألف ليرة سمح الوقت لكل هؤلاء بأن يخرجوا كل أفكارهم ومكتنزات قلوبهم للتعبير عنها صراحة.
ببالغ الأسى والحزن تابع المواطنون مجريات الخلاف حول تقديم الساعة أو تأخيرها في بلد لم يعد فيه للعمر قيمة. لم يكن يستأهل ما حصل كل تلك الضجة كما لم يكن من الممكن الإستعاضة عن عمل المؤسسات والخروج على القوانين. في بلد كلبنان بات كل أمر يحتاج إلى مشورة كل الطوائف لتمريره وإلا كان سبباً لأزمة حتى… تأخير ساعة أو تقديمها.
لم يكن الأمر يحتاج إلى كل تلك الضجة التي فضحت عمق أزمة لبنان وسوء تعاطي المسؤولين فيه. طوال الساعات الماضية إنشغل الديبلوماسيون في استيضاح حقيقة الموضوع. لم يكن بعضهم على علم بوجود مذكرة سبق وصدرت عن مجلس الوزراء. الموضوع بحد ذاته لم يعنهم لكن ردود الفعل استوقفتهم.
أزمة سياسية دخل الجميع على خط معالجتها. سارع رئيس «الإشتراكي» وليد جنبلاط الى امتصاص التداعيات بدفع وزيره إلى إعلان اعتماد التوقيت الصيفي في المدارس. عبّر ميقاتي عن استيائه لاتخاذ وزير في حكومته موقفاً معاكساً لموقفه فأصرّ على رفض التراجع عن خطوته بينما رفض الوزير التراجع عن المذكرة التي عممها على القطاع التربوي. عمل مضن إستغرق ساعات الليل حتى اقتنع الوزير بسحب كلامه وعلقه بعدما تم إقناع ميقاتي بعقد جلسة للحكومة لتكون مخرجاً لتراجعه وبقوة دفع سنّية تصدت لقراره بالإعتكاف عن تصريف الأعمال حيث سارعت دار الفتوى وما تبقى من رؤساء الحكومات السابقين إلى دعم موقفه والوقوف إلى جانبه في الحملة التي طاولته. بلمح البصر عاد الحديث إلى الماضي يوم كان للسنة مطلب تخصيص يوم الجمعة يوم عطلة رسمية أسوة بالأحد فتصدى له الرئيس سليمان فرنجية آنذاك. ومن يومها لم يُعد السنة الكرّة بالمطالبة.
كانت الفتنة نائمة لولا وجدت من أيقظها. ورطة بالغنى عنها عكست وجود أزمة عند المسيحيين بسبب تعطيل انتخاب رئيس، وعند رئاسة الحكومة وميقاتي الذي صار أقرب إلى التخلص من عبء مهامه الحكومية. عند بيانه الأول كان ميقاتي مقتنعاً بوقف تصريف الأعمال ووضع الجميع أمام تحمل مسؤولياتهم الرئاسية قاصداً بذلك الرد على الهجوم المسيحي عليه بقصد القول إن الأزمة عندكم فلا تجيّروها ضدي. وحتى في بيانه الذي صدر عقب جلسة الحكومة التي إقتصر جدول أعمالها على اتخاد قرار بتقديم الساعة بدا أقرب الى الإعتكاف حتى عن تصريف الأعمال ومتى فعل فإنّ الأزمة تنذر بالإنفجار الكبير.
شغلت الأزمة على تفاهتها الرأي العام وحوّلت الأنظار عن انتخابات الرئيس والمرشحين وانسداد الأفق راهناً بما سيحمله إنعكاس الإتفاق الإيراني- السعودي على لبنان. الإيجابي في ما شهدناه إجتماع المسيحيين على موقف. والخروج بموقف واحد ومعارضة أمر لا يزيد عن كونه تدبيراً إدارياً لا قيمة له.
يقول مقربون إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري فوجئ بحجم رد الفعل من قبل المرجعيات السياسية والروحية المسيحية على اتفاقه وميقاتي بإرجاء تقديم الساعة إلى ما بعد شهر رمضان واستغرب كيف أخذوا الأمر إلى غير محله، وعلى افتراض أنّ القرار له أثر اقتصادي سلبي، كان حري برجال الأعمال وأهل الاقتصاد أن يطالبوا بتصحيح الخلل، لا الأحزاب والمراجع المسيحية.
تقدم بري بإقتراح تأجيل تعديل الساعة «لم يكن من موقعي الطائفي»، وتجاوب ميقاتي مع الاقتراح «من موقعه الوطني والدستوري، لا الطائفي». ما حصل أخذ البلد إلى انقسام طائفي «وفي محاولة لخلق أعراف جديدة، بعدما انتهى زمن الأعراف مع إقرار وثيقة الوفاق الوطني – الطائف».
بينما كان الجميع يتلهى بقصة من هذا النوع جاء الخبر اليقين من إتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان للبحث في عمق الأزمة اللبنانية الرئاسية. إعلان مثار تفاؤل لربما بدأ الكلام الجدي والبحث عن تسوية تنقذ لبنان من تخبطه. لربما الأمر يحتاج إلى توقيت مناسب ليس على الطريقة اللبنانية حكماً.