صافية.. ومعاناة مسيحيي فلسطين
بقلم: أحمد الصراف

 

النشرة الدولية –

كتبت في أغسطس 2012 مقالاً عن محنة السياسي الفلسطيني عفيف صافية، الذي لم يسمع الكثيرون، ومن الفلسطينيين بالذات، اسمه أو من هو! هذا الجهل بصافية يبيّن مدى تقصيرنا في تقدير المميزين منا، وتحيزنا، وعجزنا عن مواجهة أنصاف المتعلمين منا!

ولد عفيف صافية عام 1950 في القدس، وهو دبلوماسي فلسطيني فذ، بدأ حياته السياسية نائباً لرئيس البعثة الفلسطينية (المراقبة) في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، ثم انتقل ليصبح ضمن هيئة مكتب ياسر عرفات في بيروت، في أوج قوة المنظمة، وكان مسؤولاً عن العلاقات مع دول أوروبا، وسبق أن حقق الكثير للقضية في عدة عواصم عالمية، كما عمل رئيساً للبعثة الفلسطينية في بريطانيا، وترأس في 2005 مكتب منظمة التحرير في واشنطن، جاب خلالها أميركا طولاً وعرضاً، محاضراً عن القضية، وحق العودة، ولكن نجاحه الكبير أوغر صدور أصدقائه، ومن المتشددين المسلمين بالذات، فلم يستمر في منصبه لأكثر من عامين، حيث أعفي في 2008 من آخر مناصبه كسفير لفلسطين في موسكو.

جريمة صافية، وهي التي أهلته عام 1995 ليصبح عضواً في مجلس الأوصياء الدولي للفاتيكان، وممثلاً رسمياً للمنظمة لدى البابا جون بول الثاني، جريمته في عيون البعض ديانته كمسيحي، وهي نفس مشكلة بقية المناضلين الفلسطينيين، المسيحيين من أصحاب الثقافة الواسعة والصلات الدولية العديدة، الذين تحتاج لهم أية حركة مقاومة. وهو بخلاف غالبية رفاق دربه من رجال فتح، غير مسلم ولا من رجال الخنادق أو حملة البنادق، بل صاحب قلم يكتب ولسان يتكلم وخلفية تعليمية راقية، ويبدو أنها لم تكن كافية في القيادات، لأنها تظهرهم صغاراً.

مشكلة عفيف صافية هي مشكلة كل مثقف في دولنا من المنتمين لأقليات عرقية أو دينية، فهو يصبح مصدر قلق وإزعاج، ولو كان القرار بيدي لاخترت صافية رئيساً لدولة فلسطين!

***

مرت سنوات عشر على المقال أعلاه ليأتي الزميل «خيرالله خيرالله»، ويكتب قبل أيام في «العربية» مقالاً بعنوان «حماس والعداء للفلسطيني المسيحي»، هاجم فيه «حماس»، وهذه وجهة نظره، وإنها جزء من التنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين، وتجاهر بعدائها للفلسطيني المسيحي، وكيف سعت إلى أن تخلو غزة من أي مظاهر مسيحية، أو وجود لأعياد ميلاد وغيرها، وسعيها إلى مسح أية مظاهر مسيحية من المدينة، وطمس تاريخ المسيحيين فيها!

غريب هذا الموقف والعداء لمكون أساسي من الشعب الفلسطيني لمجرد أنهم مسيحيون، متناسين كل ما بذله هؤلاء، ولا يزالون، من تضحيات في سبيل استعادة وطنهم!

عندما نفكّر بهذه الطريقة، فهذا يعني أننا لن نحقق شيئاً يوماً.

 

زر الذهاب إلى الأعلى