كلنا في القيد .. وسجننا أكبر وأكثر إيلاما يا غيث ..!!

النشرة الدولية –

لا تبتئس ولا تنكسر ولا تهن، فأنت القوة التي تمدنا بالعزم، والأنفة التي تجلعنا شامخين، وأنت الصمود الذي بفضله بعد الله لن ننهزم، فلا تحزن فأنت لست سجيناً، فجدران السجن الصهيوني تحبس الأجساد فيما النفوس الأبية حرة تُحلق في سماء فلسطين أنا شاءت ومتى أرادت، يا صاحب المكان والزمان تستحق أن تفجر غضبك فينا، ومن حقك أن تحتجب عنا، يا صاحب القيد إن القيد مؤلم ونحن أمة هانت على نفسها فلا تشعر بألمك ولا تتوجع مهما ألمت بك الخطوب، حتى هانت على العالم لينطبق عليها قول الشاعر المتنبي:
منْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ وما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ.

يا قابض على الحديد لست وحدك حبيس القيود، فالأمة العربية تسكن في السجون وتتنقل بينها، فالسجن أيها الأسد الرابض ليس قضبان وحُراس وبُعد عن الأحبة، فالسجن شلل يُصيب الإنسان في حركته وفكره ورؤيته وشعورة، وأصعب السجون تلك التي تتبلد فيها مشاعرنا ولا نملك القدرة على الرد والتصريح والإفصاح عما في خاطرنا، فتنعقد ألسنتنا وتنكسر أقلامنا حتى لا تُبيح بما في مكنون صدورنا، فالفكرة المحبوسة في الرأس تقود للموت البطيء والقهر السريع، فلا تحزن فأنت تعلم مكانك ومكانتك عند الأحرار والشرفاء، وغيرك من العرب لا يعرفون مكانهم ومكانتهم ولا يعلمون اتجاه بوصلتهم.

الفوارق بينك أيها القابع في غياهب السجن الصهيوني وبين أمة عربية ضلت طريقها كبير جداً، فأنت تنظر للبعيد وعيونك تعانق السماء والشمس المشرقة وتُطارد حمام السلام والحرية، فيما أمتنا تنظر تحت قدميها ولا تُخطط للبعيد ولا تأمل في المستقبل خيرا، فالسلام لدى أمتنا معاهدات إستسلام وخضوع للغرب والشرق، والحرية لك حُلم بمغادرة الجدران، والحرية للأمة حُلم بهجرة الأوطان أو السير على طريق مُعبد بالعبودية، فأمل الأمة مفقود وخنوعها موجود، فمن هو المسجون يا صديقي؟، وحتى أطمئنك فغالبيتنا أسرى في سجون الديون والأمراض النفسية والحب المفقود وأتباع لرأس المال، والأهم أن الأمة تقبع ساكنة مستكينة في سجن الإعلام العابث بتاريخها وحاضرها ومستقبلها، ليكون التعبير عن الرأي مسموح للجهلاء ممنوع عن العقلاء، ليكون سجن الأمة أكبر وأكثر وجعاً وألما.

فترفق بنا أيها المبدع فنان اللجوء خليل غيث، فنحن في سجن أضيق بالفكر من سجن من رسمت وأبدعت، ونحن في قوقعة تحجب صوتنا وصراخنا فيما صوت السجين ولوحتك مسموع، وفي الخارج أيها السجين الحُر نهاب العالم أجمع ونرتعب منه، وفي سجنك يرتعب السجان الصهيوني منك، فأنت أيها الناظر للأمل سجانهم حيثما كنت ونحن أمة وقعت في الأسر ولا مُخلص لها من الآمها وقيودها أحد وننتظر حتى يأتي الله بأمره.

أخر الكلام

صورة خطفتني من نفسي وأنا أتجول في معرض يوم الأرض ومعركة الكرامة لفنان اللجوء خليل غيث الذي أقيم في المركز الثقافي الملكي الاردني.

زر الذهاب إلى الأعلى