الاستجواب.. فرصة لتوضيح الحقائق
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

بحكم الدستور الذي يحكمنا، الاستجواب حق للنائب، وللأمة التي انتخبت نوابها، بالتالي هو أداة مساءلة مشروعة لا يمكن التخلي عنها، بل انه إحدى الأدوات المهمة التي تمكن كلا الطرفين من تبيان وجهات نظرهما.

فبحكم الدستور، للأمة حق مساءلة الوزراء ورئيس الحكومة، كونهم بالنهاية موظفين عامين، مساءلين عن مسؤولياتهم، بالتالي إن ارتأى النواب أن هناك ملفات لا تستوعبها الأسئلة البرلمانية وحدها، وترتقي للمساءلة على المنصة، فيجب ألا يدخروا جهداً في تقديم الاستجوابات المستحقة.

بينما في الطرف الآخر أيضاً، يجب أن ينظر الوزراء، ومن هم على حق منهم على وجه الخصوص، للاستجوابات، كفرص تجعلهم يبينون للشارع وللشعب جهودهم ومصداقيتهم وعملهم، بل ويفندون المحاور التي يتهمهم بها النواب، بالتالي فان الاستجواب فرصة للوزير العامل بجد واجتهاد ليبين حقيقة الأمور للشعب من على المنصة، ووفقاً للدستور.

ما سبق هو الصورة الصحيحة للاستجوابات، بينما قد يراها البعض صورة وردية، لم نعشها واقعاً، فأولاً استخدمت أداة الاستجواب من قبل بعض النواب للمساومات السياسية، ولتخويف الوزراء وترهيبهم، وهو ما يخالف روح الاستجواب، لذا نجد أحيانا كثيرة محاور هشة، أو استجوابات تقدم بلا اسناد أو تقدم لوزير لمساءلته عن أعمال وزير سبقه، بينما تترك في أماكن أخرى استجوابات مستحقة وملفات أهم.

بالمقابل، أصبح العديد من الوزراء خلال السنوات الماضية يخافون صعود المنصة، فمجرد فكرة أن يكونوا تحت هدف المساءلة ترعبهم، بينما يجب أن تكون على العكس تماماً، ان كانوا على حق، الا ان خوفهم نابع من أن أغلبية التصويتات على طرح الثقة أو عدم التعاون تكون مجهزة في وقت يسبق الاستجواب وقبل ان يستمع النواب لمرافعة المستجوبين أو دفاع الوزير المستجوب، وهو ما يشكك بمصداقية بناء المواقف من طرح الثقة أو عدمه!

وللأسف الشديد، تحولت تواقيع طرح الثقة الى أداة مساومة سياسية، ومكاسب، فبعد أن يقدم الاستجواب، غالباً ما ينقسم المجلس إلى معسكرين اثنين وقلة أخرى، موالاة ومعارضة، فالأول حكومي ويصوت لمصلحة الوزراء دائماً، والثاني يصوت ضدهم على الدوام، بينما يبقى عدد آخر يصوتون اما لمصلحة قبيلة، أو طائفة.. وآخرون يصوتون وفق ما يكسبونه من مكاسب من اصطفافهم، فان كان الجانب الحكومي سخياً أكثر بتمرير معاملة أو مكسب قانوني آخر، صوتوا مع الوزير، وان كان العكس صوتوا ضده، بينما لا نبخس حق بعض النواب، وان كانوا قلة، ممن يصوتون وفقاً لقناعاتهم.

للأسف الشديد، نعيش اليوم حالة من تشويه للاستجوابات من الطرفين، من الجانب النيابي حيث تم الافراط باستخدام هذه الاداة الراقية للمساءلة، ومن الجانب الحكومي الذي أصبح يجزع من المساءلة ويحاول بشتى الطرق تجنبها، رغم انها قد تكون الفرصة ليثبت جدارته وزيراً، فجل ما نتمناه أن نعود لروح الاستجواب كما نص عليها المشرع الكويتي.

زر الذهاب إلى الأعلى