كلمة «السرّ» السعوديّة لم تخرج بعد… و«كلو ناطر الأخضر»
بقلم: جويل بو يونس
النشرة الدولية –
الديار –
اكثر من اسبوعين مرا على عودة السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت، اكثر من افطار واكثر من لقاء عقدها البخاري سواء مع مختلف المرجعيات الروحية او القيادات السياسية، ولكن حتى اللحظة فان كلمة «السر الانتخابية» السعودية لم تخرج الى العلن بعد.
لا شك ان حراك البخاري وعودته على ابواب انتخابات ستحصل مبدئيا في 15 ايار، وسط غياب الممثل الاقوى للطائفة السنية سعد الحريري عن المشهد برمته، يدل على مشهدية لا يمكن تخطيها، لكن هذا المشهد المهم في الشكل لا يزال «غامض المضمون»،اذ يؤكد اكثر من مصدر متابع ومشارك بحراك البخاري، ان السعودية لا تزال حتى اللحظة تنأى بنفسها عن اعطاء موقف واضح من انتخابات واصطفافات 2022، باستثناء الرغبة الواضحة والمعلنة اصلا بمواجهة حزب الله، وعليه يبدي اكثر من قيادي شارك في افطارات السفير السعودي امتعاضه من «الغموض السعودي» تجاه استحقاق ايار.
اكثر من ذلك، تجزم اوساط متابعة، بان لا مال سعوديا منح لفريق معين حتى الساعة كدعم انتخابي، وهذا بحد ذاته زاد من امتعاض فرقاء ظنوا ان عودة البخاري ستحمل معها «الانشراح المادي المطلوب»، وتتابع الاوساط بان استراتيجية المملكة المالية في لبنان تبدلت وتحول اهتمامها الى مساعدة الشعب اللبناني، جازمة بان كل ما حكي عن ان المملكة ستودع 3 مليارات بمصرف لبنان غير صحيح، وان «اي قرش سعودي» لن يذهب الا للشعب اللبناني!
حتى ان مصادر «اشتراكية» ذهبت حد الجزم، بان لا اموال للوائح انتخابية معينة، وقالت: «يبدو ان السعوديين متفقون مع الفرنسيين على طريقة دعم تصل مباشرة للشعب لا عبر المؤسسات». وتابعت المصادر: «قيل ان السعودية فرضت علينا التحالف مع «القوات» في الجبل، فلماذا لم ينسحب هذا التحالف على البقاع الغربي لو كان فعلا هناك دعم سعودي»؟
اما على خط «القوات»، فيبدو ان لرئيسها سمير جعجع الحصة الاكبر من الرضى السعودي، وهنا تعلق مصادر في 14 اذار بالقول ممازحة :»والله ما عندون الا سمير جعجع رسول الله»، في اشارة مبطنة الى ان «القوات» قد تكون الوحيدة التي حازت على «ميزانية سعودية حرزانة»، علما ان مصادر موثوقة في «القوات» جزمت بان لا اساس لكل ما يحكى، وهدفه حرف النقاش عن الاساس، وتابعت المصادر ان العلاقة بين «القوات» والممكلة علاقة تاريخية.وعن السبب الذي حال دون زيارة البخاري حتى اليوم معراب، ردت المصادر القواتية :» بكرا بيزورا، وتذكروا ان الموقف الاخير للمملكة قبل مغادرة لبنان سابقا اتى من معراب».
وفي هذا الاطار، اكدت مصادر متابعة بان البخاري كان خصّ جعجع،دون غيره من القيادات، بخلوة قبيل مأدبة الافطار التي شاركت فيها مختلف القيادات والسفراء والتي اقامها اخيرا في اليرزة.
اما على خط الرئيس فؤاد السنيورة، الذي يقابل حراكه بحسب ما تؤكد مصادره برضى وتشجيع دول عربية منها المملكة، فتجزم المصادر نفسها الا اساس لكل ما يحكى عن اموال يدفعها السنيورة في بيروت الثانية. علما ان اوساطا متابعة لحراك السنيورة تشير الى ان الاخير لا يزال يعول على دعم مادي سعودي بعد الاشارات الايجابية التي كان تلقاها سابقا، وابرزها اتصال البخاري به قبيل عودته الى بيروت، وكذلك زيارته لمنزله بعيد عودته منذ اسبوع.
الا ان هذه الاشارات الايجابية التي تلقاها السنيورة لم تترجم بحسب مصادر مطلعة، عمليا على ارض الواقع.
صحيح ان حراك السنيورة يلقى دعما سعوديا، لكن الاكيد كما تكشف اوساط مطلعة على الحراك السعودي، بان زيارات البخاري واستقبالاته لشخصيات سنية، كما دعواته لاخرى تظهر بشكل واضح ان المملكة لا تدعم شخصا او قياديا معينا، وتشرح الاوساط ان حرص البخاري على دعوة بهية الحريري للمشاركة بافطار اليرزة كما احتضانها لنجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، مقابل استقبال البخاري لفؤاد مخزومي منذ يومين في اليرزة، رسالة واضحة ارادت ايصالها المملكة للبيئة السنية ومفادها التالي :»لا يجب مقاطعة الانتخابات، التصويت ضروري»، وفي هذا رسالة ثانية واضحة لسعد الحريري :»لم تعد الممر السني الالزامي للخليج»!
هذا الواقع المتمثل بحراك البخاري على اكثر من جبهة بما يشبه «التحدي» لقرار الحريري الخروج واخراج تيارة من السباق النيابي، ازعج بحسب مصادر موثوقة، سعد الحريري المنكفئ عن الحياة السياسية، ودفع به الى الجلوس منتظرا في الامارات مراقبا عن بُعد الساحة السنية التي ضاقت بها اللوائح المتكاثرة المشتتة بلا قادة، ومترقبا، ولو بانزعاج ضمني، نتيجة حراك سعودي اخرجه في 24 كانون 2022 مرغما، من دائرة الضوء ! فمن ينتصر على من ؟ الحريري الذي خرج على قاعدة :»انا فليت ودبروا حالكن»،(ظنا منه بان احدا لن يملأ الفراغ)، او المملكة التي تحاول ايصال رسالتها للبيئة السنية :»فلّ الحريري وما حدا تعطل وكلو دبّر حالو»! على اي حال ان 15 ايار لناظره قريب!