خميرة الخبز تسقط حكومة «الدولة الديموقراطية»
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
ماذا يعني أن تسقط حكومة ديموقراطية منتخبة من المواطنين عبر صندوق الاقتراع بسبب «خميرة الخبز»؟
الجواب المباشر والسهل أن إسرائيل دولة لها صفة دينية فتعريفها حسب القانون الذي تم إقراره عام 2014 أنها «دولة قومية للشعب اليهودي»، وهذا بخلاف ما يشاع أنها دولة يهودية وديموقراطية، فهي ديموقراطية لليهود فقط، وليس لجميع مواطنيها وسكانها، لذلك يكون السؤال: هل يمكن لإسرائيل أن تكون دولة يهودية وديموقراطية في آن معاً؟
وماذا بشأن 20% من «مواطنيها» يحملون الجنسية الإسرائيلية ويتم التعامل معهم على أساس أنهم درجة ثانية، ويتعرضون للتمييز العنصري وسوء الخدمات؟ وماذا بشأن التمييز الفعلي والصارخ بين الأشكناز والسفارديم؟ وماذا بشأن جماعة ناطوري كارتا وغيرهم من فئات اليهود أيضاً؟ وكيف «للديموقراطية اليهودية» الحق بمنح اليهود ممارسة حق تقرير المصير وفي الوقت نفسه يسلب من الفلسطينيين وهم أصحاب الأرض ولديهم هذا الحق؟
قد يكون هذا النوع من الأسئلة لدى البعض في عصر التطبيع نوعاً من «الردة»، نظراً لما وصلت إليه حالة العلاقة لا الصراع بين العرب والفلسطينيين من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى!
نعود إلى حكاية «الديموقراطية اليهودية» والتي تستدعي نماذج أخرى تربط الدين بالقومية أو العرق، كأن تقول عن إيران مثلاً إنها دولة إسلامية ديموقراطية أو «التيبت» بأنها دولة بوذية ديموقراطية، الواقع أن الديموقراطية على النقيض من توصيفها بصفة دينية سواء كانت قومية أو عرقية لأنها تضع «المواطنين» جميعهم بصرف النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي أو كونهم أقلية تحت سقف واحد متساو تماماً هو المواطنة فقط، وإلا لما بقيت ديموقراطية، بمعنى تمثيلها للشعب والناس.
حول هذا النهج، أرى أن فكرة الدكتور عبدالوهاب المسيري الخبير المصري العريق بالصهيونية واليهودية، تحاكي لغة السياسة والمصالح الدولية بعقلانية، تقول «سواء كانت دولة إسرائيل يهودية أم بوذية أم ملحدة، فنحن نقاومها باعتبارها احتلالاً وظلماً وبطشاً بأصحاب الأرض». لكن لنقرأ ماذا حصل حتى تهوي حكومة نفتالي بينيت وتفقد الأغلبية البرلمانية البسيطة التي تحوزها والتي لا تتعدى عضوين من أعضاء الكنيست، فقد أقدمت النائبة «عبديت سيليمان» من الائتلاف الحكومي على تقديم استقالتها بسبب خلافها مع وزير الصحة المحسوب على اليسار وسماحه بإدخال خبز مصنوع من الخميرة خلال عيد الفصح اليهودي، وهو ما لا تسمح به الشريعة اليهودية، زبدة الكلام بالاعتراض أنها لا تريد إلحاق الضرر «بالهوية اليهودية لدولة إسرائيل».
الإشكالية هنا لا تتصل بطقوس وشعائر لها علاقة بالدين اليهودي، فهذه من المسلمات ولا خلاف عليها، إنما التضليل الذي يتم تسويقه بشأن «ديموقراطية الدولة اليهودية»، فهذه الديموقراطية ما هي إلا لافتة مخادعة موجهة أساسا إلى الغرب والعالم المتحضر بالدرجة الأولى وبعض العرب الذين يتفاخرون بتلك الديموقراطية ويجلدون أنفسهم لافتقادهم إليها؟
صحيح أن العرب عموماً وفي الأنظمة السياسية القائمة والحديثة وإن بدرجات مختلفة ما زالوا بعيدين عن ممارسة الديموقراطية بشكلها الصحيح كما في معظم البلدان الأوروبية، فهم أقرب إلى نهج الاستبداد منه إلى شيء آخر، لكن الديموقراطية في «دولة إسرائيل اليهودية» ليست بخير، ففيها مثالب ومصائب تجعلنا على مسافة قريبة جدا من بعضنا.
ما خبز الفطير؟
بحسب الموسوعة اليهودية «خبز الفطير» هو الذي لا تدخله خميرة: ويعبر عنه في العبرية بكلمة «متساه» وجمعها «متسوت» وهو نوع من الخبز يمكن إعداده بسرعة، ولذا يشار إليه بأنه الخبز الذي يعد للضيوف غير المتوقعين (تكوين 3/19) وهو أيضا «خبز الخروج» أو الخبز الذي يأكله اليهود في عيد الفصح الذي يسمى أيضا «عيد المتسوت»، والتفسير الديني لخبز الفطير هو أن أعضاء جماعة يسرائل، عند خروجهم من مصر، كانوا في عجلة من أمرهم، فعجنوا خبزهم بدون خميرة، لأنه لم يكن لديهم الوقت للتألق، ولكن يبدو أن هذا الخبز يعود إلى أحد احتفالات الربيع في كنعان، فقد كانت تعد فطائر من عجين غير مخمر من المحصول الجديد وتؤكل بوصفها جزءا من الطقس الديني، ويلاحظ أن حظر استخدام الخميرة في المنزل ينطبق على كل أيام عيد الفصح.