كيف نشأت البورصة وتطورت ووصلت لصورتها الحالية؟

النشرة الدولية –

في حين يصعب ذكر كلمة بورصة دون الحديث عن الأسهم المتداولة والشركات المدرجة بها، إلا أن أول بورصة في العالم ازدهرت لعقود دون تداول سهم واحد.

وحتى يمكن فهم كيف تطورت البورصة على مدى قرون لتصل إلى الشكل الذي باتت عليه في الوقت الحاضر، فإننا نلقي نظرة في هذا التقرير على تاريخها.

تجار مدينة البندقية

– قام مقرضو الأموال في أوروبا بملء الفجوات التي خلفتها البنوك الكبرى، وكانوا يتداولون الديون فيما بينهم.

– فعلى سبيل المثال كان بإمكان المُقرض الذي يرغب في التخلص من قرض عالي المخاطر وذي فائدة عالية أن يستبدله بقرض مختلف مع مُقرض آخر.

– اشترى هؤلاء المقرضون أيضاً إصدارات الديون الحكومية، وفيما بعد بدأوا يبيعونها إلى المستثمرين الأفراد، وبذلك يعد تجار البندقية هم أول من بدأوا تداول الأوراق المالية.

أول بورصة (بدون أسهم)

– يرجع تاريخ أول بورصة في العالم إلى عام 1531 في مدينة أنتويرب البلجيكية، لكن لم تكن هذه البورصة تتداول الأسهم، وإنما كان مقرضو الأموال والسماسرة يتداولون السندات الإذنية وإصدارات الديون الفردية.

– وفي حين ظهرت شراكات لتمويل الأعمال التجارية في القرن السادس عشر، وكانت هذه الشراكات تحقق دخلاً مثل الأسهم، لكن لم تكن هناك حصة رسمية يتم توزيعها.

شركات الهند الشرقية

– في القرن السابع عشر منحت الحكومات الهولندية والبريطانية والفرنسية تراخيص لشركات تحمل اسم الهند الشرقية.

– وكانت هذه الشركات تقوم برحلات بحرية لجلب البضائع من الشرق، لكنها كانت رحلات محفوفة بالمخاطر، بسبب وجود القراصنة، وأيضاً بسبب سوء الأحوال الجوية.

– وحتى يقلل مالكو السفن من مخاطر خسارة ثرواتهم في هذه الرحلات، كانوا يبحثون عن مستثمرين لتمويل رحلاتهم مقابل نسبة من العائدات، في حالة نجاح الرحلة.

– وكانت الشركات المبكرة ذات المسؤولية المحدودة تقوم برحلة واحدة فقط عادة، قبل أن يتم حلها، وإنشاء واحدة جديدة للقيام بالرحلة التالية.

– وكان المستثمرون يستثمرون في مشروعات مختلفة في نفس الوقت من أجل تقليل المخاطر.

– لكن شركات الهند الشرقية بدأت في تغيير الطريقة التي تتم بها الأعمال، من خلال إصدار أسهم بنسبة أرباح لكل الرحلات البحرية التي تقوم بها الشركات بدلاً من تحديد نسبة لكل رحلة على حدة.

– ومن ثم تعد شركات الهند الشرقية أول شركات مساهمة حديثة، وقد سمح ذلك للشركات بالمطالبة بحصص أكثر، وبناء أساطيل أكبر، كما مكن المستثمرين من تحقيق أرباح ضخمة.

– ونظراً لأن الأسهم التي كانت تصدرها كل شركات الهند الشرقية كانت تصدرها على الورق، وكان المستثمرون يبيعون الأوراق لبعضهم البعض.

– ولم تكن هناك بورصة في ذلك الوقت، لذلك كان يتعين على المستثمرين تعقب السماسرة لإجراء عمليات التداول.

– كان معظم السماسرة والمستثمرين في إنجلترا يتقابلون في المقاهي في لندن لإجراء عمليات التداول، وكانت إصدارات الديون والأسهم المعروضة للبيع تُعلق على أبواب المتاجر.

انفجار فقاعة بحر الجنوب

– بعد نجاح شركات الهند الشرقية وتحقيق المستثمرين أرباحاً ضخمة، شهدت إنجلترا ظهور شركات ناشئة حققت ازدهاراً مالياً سريعاً، دون أن تكون هناك قواعد أو لوائح تنظم عملية إصدار الأسهم.

– ظهرت شركة “بحر الجنوب” في ظل هذه الظروف، وقبل حتى أن تغادر أول سفينة تابعة لها للقيام برحلة بحرية.

– كانت الشركة قد استخدمت أموال مستثمريها لفتح مكاتب فخمة لها في أفضل أماكن في لندن، وقد شجع هذا المستوى من الترف المزيد من المستثمرين على ضخ أموالهم بها.

– وعندما رأى رجال الأعمال النجاح الذي حققته “بحر الجنوب” بينما لم تكن تفعل شيئاً سوى إصدار الأسهم، تشجع العديد منهم لإصدار أسهم على مشروعاتهم.

– وظهرت مشروعات غريبة في تلك الفترة، مثل مشروع لاستعادة أشعة الشمس من الخضراوات.

– ومثلما فشلت هذه المشروعات انفجرت فقاعة شركة “بحر الجنوب”، التي فشلت في دفع أي أرباح للمستثمرين، مما أدى إلى إفلاس الآلاف منهم، وتسببت هذه الكارثة في قيام الحكومة البريطانية بحظر إصدار الأسهم، واستمر هذا الحظر حتى عام 1825.

بورصة نيويورك

– تأسست بورصة نيويورك عام 1792، ورغم أنها لم تكن أول بورصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث سبقتها بورصة فيلادلفيا.

– وسرعان ما أصبحت البورصة الأهم في الدولة، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى موقعها في وول ستريت، بالقرب من الشركات والبنوك الكبرى.

– وقد واجهت بورصة نيويورك منافسة محلية قليلة للغاية خلال القرنين التاليين، وزادت مكانتها الدولية بالتزامن مع ازدهار الاقتصاد الأمريكي، حتى أصبحت أهم بورصة في العالم.

– وعلى المستوى الدولي برزت بورصة لندن باعتبارها البورصة الرئيسية لأوروبا، لكن العديد من الشركات التي تم إدراجها في بورصة لندن أُدرجت أيضاً في بورصة نيويورك.

– وقد أنشأت العديد من الدول بما في ذلك ألمانيا، فرنسا، هولندا، سويسرا، جنوب إفريقيا، اليابان، هونج كونج، أستراليا، وكندا بورصاتها أيضاً.

–  لكن ظلت بورصة نيويورك أقوى بورصة على المستوى المحلي والدولي.

– عام 1971 ظهر مؤشر “ناسداك” لتتحدى هيمنة بورصة نيويوك، لأنه أول من نفذ الصفقات وعمليات التداول إلكترونياً، وقد ساهم ذلك في جعل عمليات التداول أكثر كفاءة.

– اضطرت بورصة “نيويورك” أمام هذه المنافسة إلى تطوير نفسها، والاندماج مع بورصة “يورونكست”، لتأسيس أول بورصة عبر المحيط الأطلسي.

– وبقى هذا الكيان حتى عام 2014، حين تم فصل “يورونكست” لتصبح كياناً مستقلاً.

 

Back to top button