“التحاصص الحزبي” سرطانٌ يضرب الجامعة اللبنانية!
النشرة الدولية –
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان” :
في ظل الانهيار الحاصل في البلاد وإلى جانب الانهيار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، يشهد قطاع التعليم أيضاً على انهيار الجامعة اللبنانية.
وفي وقتٍ، أثبتت هذه الجامعة، جدارتها وقيمتها الكبيرة على المستوى الوطني وثقلها الكبير على الاقتصاد الوطني، لكونها تخرج الكفاءات بشكلٍ كبير، إلا أنها متجهة نحو الانهيار الفعلي وها نحن نخسر آخر مدماك من مداميك البلد.
من ألِفها إلى يائها، تفاصيل ملف الجامعة اللبنانية يُطلعنا عليه، د. داني عثمان في حديث خاص لـ”هنا لبنان” ويؤكد أن موضوع الجامعة اللبنانية هو قضية مزمنة وليست وليدة اليوم، بل وليدة تراكمات وإهمال لسنين من قِبل كل الحكومات المتعاقبة من ٢٠١٤ حتى اليوم، أي من آخر تعيين لمجلس الجامعة، أُهملت الجامعة اللبنانية وتم تجاهل مطالبها.
وبالتفاصيل، عدة مظلوميات تطال الجامعة يلخصها د. عثمان بالآتي:
وضعُ الأستاذ المتعاقد بالساعة في الجامعة اللبنانية، وهو أكثر ملف مجحف وتم تجاهلُه من قبل أربع حكومات. وهم عبارة عن ١٥٢٠ أستاذ متعاقد.
بالقانون والأعراف، بعد دخول الأستاذ للعمل في الجامعة اللبنانية، بسنتين وبنصاب كامل وأكثر من ٢٠٠ ساعة، لديه الحق بالتفرغ أي الحصول على راتب شهري ثابت، وتغطية صحية ومساعدات اجتماعية، لكون الأستاذ المتعاقد يوقّع فور دخوله عقد مصالحة، وهي عقود غير قانونية ويأخذ راتبه بعد سنتين، علمًا أنّ ساعة الأستاذ ٦٣ الف ليرة فقط.
فأول ملف تفرغ، بحسب عثمان، كان يجب أن يُوقع عام ٢٠١٦ ولم يُوقع حتى اليوم، علمًا أنّ مئات الاعتصامات حصلت على مدار السنين إلى جانب الوعود والأكاذيب.
فالإضراب المفتوح أُعلن من تشرين الأول ٢٠٢١ وعدد من الأستاذة لم يعلّم حتى ساعة واحدة في حين أن رموز السلطة تبدي تضامنها معهم.
ملف الأساتذة المتعاقدين المستحقين التفرغ أُعيدت دراسته مع رئيس الجامعة الجديد المعين في تشرين الثاني، الذي أحاله بدوره إلى وزير التربية الذي تركه ٣ أسابيع واطلع عليه سريعًا، ليرسله إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بحسب عثمان.
ومن شهر شباط الملف عالق في أمانة المجلس، لأن رئيس الحكومة لا يستطيع الاتفاق مع رئيس الجمهورية لوضع الملف على جدول أعمال المجلس.
إذاً العقدة تكمن اليوم، بحسب عثمان، بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، علمًا أن الحكومات السابقة لم تمرّر الملف لأن هناك غلبة لطائفة معينة.
والمشكل الأكبر الذي أوقف كل ملفات الجامعة وهو ملف العمداء، هذا ما أكده عثمان لـ”هنا لبنان”، مشيرًا إلى أن الخلاف يكمن بين الرؤساء الثلاثة على توزيع حصص العمداء بمجلس الجامعة.
فرئيس الجمهورية ميشال عون يريد ١٠ عمداء، رئيس مجلس النواب نبيه بري يطالب بـ٥ ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ٥، في حين أن الدرزي لا يدخل في هذه المعادلة، وسبق له أن تنازل عن العمادة ليتوافقوا على رئاسة الجامعة عام ٢٠١٤. أما اليوم، فلن يقبل بهذه المعادلة، ويريد حصته، ما يعني أنه على السني أو الشيعي التنازل عن عميد.
إلى ذلك يطالب رئيس الجمهورية ببعض الكليات مثل الآداب لغادة شريم، مشيرًا إلى أنه يريد الالتزام بآلية الترشيحات التي وضعت في ٢٠١٨ التي تحتم وجود بعض الأسماء بمجلس الجامعة.
ويتحدث عثمان عن كليات متنازع عليها وهي: كلية الآداب، الطب، والإعلام. والاختلاف هو على التوزيع الطائفي والمذهبي والسياسي للعميد.
فرئيس الجمهورية يريد كلية الآداب علمًا أنها من حصة السنة (تيار المستقبل)، فإذا تخلى عنها عون، سيطالب بعمادة كلية أخرى، في وقت يرفض بري إعطاء كلية الطب لعون، لتبقى للأخير كلية الإعلام.
فباختصار كلمة السر في الجامعة اللبنانية هي: التحاصص الحزبي بين الأفرقاء على عدة كليات.
فالسرطان الذي يضرب الجامعة هو التدخل السياسي في شؤونها وأزمة التعيينات. أما الخطر الكبير الذي نعيشه، وإذا استمر هذا النهج التحاصصي، سيؤدي إلى انهيار الجامعة الحتمي.
فقسم كبير من متعاقدي الجامعة ترك لبنان وتوجه إلى الخارج بحثًا عن فرص عمل إذاً هي تخسر اليوم كوادرها.
وتأسّف عثمان للطلاب البالغ عددهم ٨٦ ألف طالب، الذين خسروا عامهم الدراسي وهم يُعتبرون جيش لبنان الفكري والعلمي ومستقبل لبنان. فبعض الفروع لم تفتح أبوابها هذا العام مثل كليات الشمال.
ومن الملفات العالقة أيضاً، ملف المدربين، أي المشرفين على الأمور الإدارية، ويساعدون في المختبرات، فضلاً عن عملهم في شؤون الطلاب. فهم يطالبون بالحصول على راتبهم شهرياً ولا سنوياً علمًا أن الأمر تقني فقط.
فضلاً عن ذلك، إن الموازنة المخصصة للجامعة محدودة جداً ولم تعد كافية إلا لشهرين فمعظم الكليات مغلقة بسبب النقص في مادة المازوت والكهرباء، الأوراق، والأقلام.