المُنظات الدولية تقهر الشعوب وتُعيد عصر الإستعمار
بقلم: صالح الراشد
يسير العالم في نفق مظلم دون أن تُشاهد الشعوب بصيص أمل أو نور في نهاية النفق المؤدي إلى الموت البطيء أو السريع، فالعالم يسير حسب خطط موضوعة لا يخرج عن
نصها أحد، بفضل سيطرة المنظمات والوكالات الدولية على العديد من دول العالم المُكبلة بالعديد من القرارات السياسية والعسكرية والإقتصادية، حتى ان بعض الدول لا تملك حق التنقيب عن الثروات المعدنية في أراضيها، والبعض الآخر لا يحق له أن يحفر بئر ماء يروي ظمأ شعبه، فيما آخرون مكبلون بديون مالية تجعلهم أسرى لدى المنظمات الدولية، ولا يحق لهم ان يتخذوا قراراً دون الرجوع لهذه المنظمات التي تملك حماية عسكرية قوية ومرجعيات إقتصادية أقوى.
فالعالم سجين في أقبية منظمات صنعها الغرب للتحكم بالعالم نيابة عن جيوشه، وحتى نُشاهد الصورة الكُبرى علينا تتبع عمل المنظمات والوكالات الدولية، وعندها سنجد أن القوة العسكرية بيد مجلس الأمن وذراعه العسكرية حلف الناتو، الذي يقوم بجميع الأعمال القذرة نيابة عن الأمم المتحدة التي تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فيما لا يتجاوز الدور الروسي والصيني دور المُعطل بعض الأحيان والمُطيع في أحيان كثيرة، والمقرف في الأمر ان بعد إتخاذ الأمم المتحدة قرار الحرب لصالح الدول الكُبرى، تقوم أذرعها بتقديم خدمات إنسانية للشعوب التي قتلها، لتلعب دور القاتل والمُحسن بذات الوقت وهذا أقذر وأسوء الادوار في تاريخ البشرية.
وحين تحتاج الدول الكبرى للمزيد من إذلال شعوب العالم، تلجأ إلى ذراعي منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، فمنظمة الصحة تتخذ قرارات كارثية موجبة التنفيذ من قبل جميع الحكومات، تحت شعار حماية الشعوب من الأوبئة التي تُنتجها الدول الكُبرى، رغم أن اصحاب القرار في المنظمة يدركون أنهم يقتلون الدول مرضياً وإقتصادياً، ويتم اختيار شخصيات غير قادرة على اتخاذ القرار لرئاسة هذه المنظمة، ليفعل ما تأمره الدول صاحبة القرار الفعلي، وحين تخرج الأمور عن السيطرة، تمارس الدول الكبرى أعنف أنواع الإستعمار، بالضغط على الدول التي خرجت عن نصها بقوة البنك الدولي وصندوق النقد، فتجبرها على زيادة الضرائب على شعوبها حتى توصل هذه الدول لمرحلة الإنفجار والبدء بحرب داخلية.
ان العالم محتل بطريقة أقسى وأصعب من الإحتلال العسكري، ففي عالم الإحتلال الجديد لا يوجد عدو ظاهر تحاربه الدول وجيوشها، فالعدو متغلغل في الدول وقد يكون عضو كبير في النظام الحاكم، وقد تكون أوليغارشية إقتصادية أو عسكرية أو ثقافية وجميعها تحظى بحماية خارجية، مما يعني ان محاولة قتل الإستعمار الجديد يعني قتل الدولة نفسها، بإشعال حروب لا تتوقف إلا بعد أن تقوم أذرع الإستعمار الحديث بزيادة نفوذها وبالذات في المجال الإقتصادي، لذا فإنه وفي مثل هذه الظروف على الدول الباحثة عن النجاة من موت سريع أو مؤجل، البحث عن الإنفصال عن صندوق النقد ونشر الحرية الداخلية ووقف الفساد والمحسوبية، لضمان عدم تدخل القوى الإعلامية في إثارة الفوضى، كما على الدول أن تركز على الزراعة والصناعة والتعليم والصحة، وهي مفاتيح القرار السياسي للدول الراغبة في البقاء، عدا ذلك سيتغلغل الإحتلال حتى يسيطر على التعليم والثقافة وكافة أمور الحياة ليطارد الموت البطيء الشعوب.