قانون الـ 25 دائرة وتناقضاته
بقلم: أ.د. غانم النجار

النشرة الدولية –

يدور جدل غريب هذه الأيام حول تعديل الدوائر، والشائعات فيه أكثر من الحقائق. إلا أنه بات ضرورياً على الفاعلين سياسياً هذه الأيام، أن يضعوا في الاعتبار الخلفية التاريخية لتعديل الدوائر، لكي لا يقعوا بنفس الحفرة أو الحفر التي وقعت فيها البلاد عبر الزمن الماضي. فأي تعديل للدوائر لتحقيق أهداف سريعة، لمصلحة الطرف الأقوى، سيؤدي لنتائج عكسية، كما حدث في تعديل 1981، والصوت الواحد، بل وحسب التجارب، سيؤدي إلى مزيد من التشرذم وعدم الاستقرار.

بعد رفض لجنة النظر في تنقيح الدستور لمقترحاتها سنة 1980، قررت الحكومة الهروب إلى الأمام، وزيادة الدوائر من 10 إلى 25، بواقع مقعدين لكل دائرة، وتمرير القانون عن طريق الانتخابات. كان القانون رقم 99/1980 مليئاً بالمتناقضات، والتي لم تكن تشغل بال الحكومة، حيث كانت تستهدف تنقيح الدستور. كان الهدف محدداً زمنياً، فلم تكن هناك حاجة للالتفات للتناقضات.

تمت الدعوة للانتخابات بشكل مفاجئ 23 فبراير 1981، وقد بيّن القانون أن هدفه تأكيد التمثيل النسبي الحقيقي للناخبين، بسبب انتقال المواطنين من مناطق قديمة إلى مناطق جديدة. إلا أن الواقع كان عكس ذلك، وعلى سبيل المثال، فقد كان عدد ناخبي أصغر دائرة (3) 1070 ناخباً، بينما الدائرة (13) 2785 ناخباً، وبالتالي فإن الصوت الواحد في دائرة 3 يساوي 3 أصوات في دائرة 13، كما أن الصوت في الدائرتين 2 و3 يساوي تقريباً 3 أصوات في دائرة 12 و20 و23. فإن كان الهدف تحقيق التمثيل النسبي كان الأجدى بالقانون تقسيم الدوائر 13 و20 و23 إلى 6 دوائر بدلاً من 3.

كما أن الدائرة 21 تمثل حالة غريبة من التباعد الجغرافي، فهي تضم مناطق الأحمدي، هدية، الفنطاس، المهبولة، أبوحليفة، الفنيطيس، المسيلة، العقيلة، صباح السالم. أما منطقة صباح السالم حينها فقد كان مسجلاً فيها ناخب واحد فقط، تم بعدها بناء أكثر من 4750 وحدة سكنية، وزاد عدد ناخبيها إلى أكثر من 4000 ناخب.

كما أن الوضع المستقبلي للدائرتين 1 و2 لم يكن جيداً، وبالتالي لم يحل القانون المشكلة التي زعم أنه تصدى لها. وهكذا جاءت انتخابات مجلس 1985 عكس 1981، وترتب على ذلك حل غير دستوري سنة 1986.

إن أي تعديل للدوائر الانتخابية يتجاوز بعده السياسي السريع، ويذهب إلى التأثير على تفتيت المجتمع، فقد اشتعلت الانتخابات الفرعية، حتى وصلت إلى العوائل، بل جرت أول انتخابات طائفية في الدائرة الرابعة. واستمر تقطيع المجتمع لرغبة سياسية فوقية، لم تحقق النتيجة المطلوبة، ومع ذلك يستمر الحديث عن تعديل الدوائر بذات الخفة، وانعدام الجدية.

Back to top button