إبداعات حبيب والشيخ.. وإخفاقات التلفزيون
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
قام المخرج السينمائي المبدع حبيب حسين بإخراج فيلم وثائقي رائع بعنوان «الفنان الصغير»، عن حياة الأستاذ الفنان محمد الشيخ الفارسي، ذكر فيه أن هدفه رد الجميل لفنان كبير قدّم الكثير للساحة التشكيلية والحقل الإعلامي، واقترن فنه بأقدم برنامج تلفزيوني عن مواهب الأطفال، وهناك أجيال كثيرة من الناشئة تربت على برنامجه، الذي كان يُعرَض عبر تلفزيون الكويت.
سبق أن قام المخرج حسين في أكثر من مناسبة بتقديم أعمال سينمائية توثق سيرة فنانين كبار والحركة التشكيلية بشكل عام، ومنها فيلم «خلف الأبواب المغلقة»، الذي يناقش العقبات التي تحاصر الفن التشكيلي في الكويت، طارحا أسئلة عن الدور الذي يلعبه الفن التشكيلي في المجتمع، وسبب عدم وجود أعمال نحتية وجداريات كبيرة في الساحات والمناطق الحيوية؟
ومن إبداعاته أيضا فيلم «زري» عن حياة الفنان التشكيلي محمود أشكناني، الذي حصل على جائزة مهرجان الكويت السينمائي، وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة. وعن فيلمه الجديد «الفنان الصغير»، قال حسين إنه يركز على 3 مراحل مهمة في مشوار الفنان الشيخ، إذ يسلط الضوء في المرحلة الأولى على قدرة هذا الفنان على استيعاب الطفل وكيفية مخاطبته من خلال برنامج «الفنان الصغير»، وهذا ليس بالأمر السهل، لأن للطفل عوالم خاصة، ويتطلب قدرات خاصة للوصول لها، إضافة إلى أن تعبير الطفل بالرسم يعني الكثير من المشاعر المختلطة، لذلك يجب التعامل بحذر معه لعدم ترك أثر سلبي لديه، ومن خلال مخاطبته في تفاصيل أعماله أو عند توجيهه. وفي المرحلة الثانية تناول مشوار الشيخ مع فن الخط العربي، وكيف استطاع المزاوجة بين الخط والفن التشكيلي ضمن لوحات جميلة، وفي الثالثة سلط الضوء على تجربة الفنان باللونين الأبيض والأسود، «وهي تجربة ثرية جداً».
***
ولد الفنان الشيخ عام 1936، ويحمل بكالوريوس في الفنون منذ عام 1974، ولا يزال يرسم، وإن بدرجة أقل بكثير نتيجة تقدمه في السن ومتاعب المرض، وله أعمال فنية رائعة يوجد بعضها في المؤسسات الحكومية، وله مجموعة من الجداريات في قصر السيف.
المضحك في الموضوع، او المبكي بالأحرى، أن تلفزيون الدولة قام بعرض فيلم «الفنان الصغير»، دون تحضير أو ترويج له، ولمرة واحدة، واختار لبثه وقتا سيئا، ربما عن عمد، يسمى الوقت الميت، لقلة المشاهدين! كما قامت «الرقابة العبقرية» ببتر فقرة من حديث الفنان الشيخ ضمن الفيلم، وهو تصرف أخرق، حدث دون ذوق، وهذا نصه على لسان الفنان الشيخ:
«تقول قريبتي، عندما تزورني بنات عمي يتضايقن من وجود رسومات بها بشر ومعلقة على حيطان البيت ويطلبن مني إزالتها، ويهددن بالتوقف عن زيارتي إن استمر وجودها!
وأنا استغرب من زج العقيدة في الفن بهذه الطريقة، وتحويل لوحاتي الفنية لأدوات شيطانية رغم إن الفن نما وترعرع في التاريخ الإسلامي، ونجده على أبواب المساجد ومنائرها وقبابها المزخرفة، فالفن سمو إنساني وليس انحدارا أخلاقيا، ولا يوجد صراع بين الدين والفن، بل صراع عقليات منفتحة وأخرى تريد أن تهدم كل جميل وراق في حياتنا بمبررات الدين والتقاليد!».
***
يستحق هذا الفنان الكبير، وهو في أواخر حياته الإنتاجية، وعن جدارة، كل احترام، وليس كثيرا عليه منحه جائزة الدولة التقديرية!