أريد أن أبقى كما أنا
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

وقعت عيناي بالأمس على نص جميل صادف هوى في نفسي، وأنا أقترب حثيثاً نحو الثمانين، وقررت مراجعته وتنقيحه، والإضافة له، ما استطعت، لعله يفيد ويسر غيري كما سرني.

***

جاء الوقت لكي أحب نفسي، وأن أعطيها كل وقتي، بعد أن كان في أغلبه لمن حولي، من أسرة وأهل وأصدقاء. كما قررت أن أزيح كل هموم البشر ومآسيهم من على كتفي، والتوقف عن قراءة الأخبار ومتابعة التلفزيون، وشطب أرقام هواتف المزعجين ودائمي الشكوى، والسوداويين من أصحابي.

كما قررت التوقف عن مجادلة البائعين، وخاصة رقيقي الحال منهم، على الأسعار، فدفع بضعة دنانير، كما يطلب وليس كما تستحق البضاعة، لن يدفعني لإعلان إفلاسي، ولكنها حتماً سيسعد البائع الفقير، ويعينه على دفع رسوم مدرسة أبنائه.

كما أصبحت أكثر كرماً مع من يهتم بتلقي طلباتي، في المطعم أو المقهى، فهؤلاء لا يتوقفون عن الحركة لساعات لخدمتي وخدمة بقية الزبائن، ورسم ابتسامة على وجه فتاة أو فتى، يتمنى تحقيق حلمه أو إكمال تعليمه، سيكون مدعاة لسعادتي.

كما أصبحت أكثر صبراً، بعد أن توقفت عن مقاطعة من هم بعمري أو أكبر مني، وهم يروون لي قصة أو نكتة، لأقول لهم بأنهم سبق أن رووها مرتين من قبل، فلماذا أفسد يومهم، وأعطل استرجاعهم لما مضى من أيامهم.

كما أصبحت أقل ميلاً لتصحيح معلومة خاطئة أسمعها، أو إسداء نصيحة، حتى لو كنت متيقناً بأن ما أسمعه غير صحيح، فعبء جعل كل من أعرف شخصاً مثالياً لا يقع على عاتقي، فالعيش بسلام مع الآخر أهم وأغلى من «غاية» أن يكون هؤلاء قريبين من الكمال.

كما أصبحت أُكثر من إلقاء التحيات والمجاملات والإطراء، حتى غير الصحيح تماماً منها، بعد أن تبين أنها تُحسِّن مزاج الغير ولا يكلفني الأمر شيئاً. كما أصبحت أكثر تقبلاً للنصائح، ولا أرفضها أبداً، حتى لو كانت غير صحيحة، وأكتفي غالباً بهز رأسي ممتناً.

كما أصبحت أكثر تسامحاً مع ألوان كملابسي وتناسقها، ولا أكترث لتجعدها، أو وجود بقعة عليها، ليقيني بأن الآخرين سيغفرون هفواتي، وسينسون شكل ولون ملابسي عندما افتح فمي وأبدأ بإطراء أذواقهم، فصوت الشخصية المحببة أعلى بكثير من صوت المظهر.

كما أصبحت أقل ميلاً إلى الاختلاط بمن لا يقدرونني، فقيمتي لها أهميتها، وإن كانوا لا يعرفون ذلك، فأنا أعرفها.

كما تعلمت أن أعيش كل يوم، كما لو كان الأخير في حياتي، «فحبات الكرز» في ذلك الكيس الورقي، أصبح عددها القليل يمثل ما تبقى من سنين في حياتي، بعد أن أصبحت تتناقص بسرعة أكبر، ويجب بالتالي أن أستمتع بها أكثر. فأنا أفعل ما يسعدني، ولا أحد مسؤول عن سعادتي، فالسعادة هي اختيار، ففي هذا العمر، أو أي عمر، يمكننا أن نختار أن نكون سعداء!

واليوم عيد وعلينا جميعاً أن نكون سعداء، وأن نشعر بتلك السعادة، ونرسلها للآخرين من خلال كلمة جميلة، أو ابتسامة أو عيدية، فالأيام التي تمضي متسارعة لن تعود ثانية..!

وكل عام والجميع بخير.

ننتهز هذه المناسبة ونقدم أجمل التبريكات للأخوة المسيحيين بأعياد الفصح المجيدة.

 

Back to top button