من هي المؤسسات اللبنانية التي ستسفيد من الصندوق السعودي الفرنسي؟

النشرة الدولية –

لبنان 24 –  نوال الأشقر –

الإعلان عن إطلاق “الصندوق الفرنسي السعودي لدعم الشعب اللبناني” بعد يومين على فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولاية ثانية، وما تضمنته كلمتا السفيرين السعودي وليد البخاري والفرنسية آن غريو، لجهة ترجمة الشراكة السعودية الفرنسية بدعم العمل الإنساني والإغاثي في لبنان، يشير إلى أنّ قيادتي البلدين ماضيتان بترجمة مقاربتهما المشتركة للتعامل مع الأزمة اللبنانيّة، والتي تمخّضت عن القمّة الثنائيّة، التي جمعت الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في جدّة، في الرابع من كانون الأول الماضي.

ماذا بشأن آلية عمل الصندوق المشترك؟ من هي المؤسّسات والفئات المشمولة بالإستفادة؟ ووفق أي معايير؟

كما بات معلومًا، المساعدات لن تمر عبر الدولة، بل من خلال بعض جمعيات وهيئات المجتمع المدني. وكان الجانبان الفرنسي والسعودي اتفقا على آليات عمل الصندوق خلال اجتماعات عقدت في باريس الشهر الماضي، وفق ما أشارت إليه مصادر مطّلعة. توقيع مذكرة التفاهم جرى بين “مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية” من جهة وزارة الخارجية الفرنسية والوكالة لفرنسية للتنمية (AFD)، بالتالي، تلفت المصادر إلى أنّ توقيع الإتفاقية من قبل مؤسسات سعودية وفرنسية لها طابع إغاثي وتنموي، يشير بحدّ ذاته إلى المنحى الداعم لصمود اللبنانيين في هذه المحنة، في محاولات للإنقاذ الإنساني والإغاثي، بحيث ستتركز المساعدات المالية في قطاعات تتعلق بالأمن الغذائي والصحة والتعليم والطاقة والمياه والأمن الداخلي.

تواصل مباشر بين إدارة الصندوق والمستفيدين

يهدف الصندوق إلى إيصال مساعدات مباشرة إلى الشعب اللبناني للتخفيف من معاناته “والتواصل سيكون بشكل مباشر بين إدارة الصندوق والمؤسسات المستهدفة بالدعم من مستشفيات ومدارس وغيرها من القطاعات، أمّا إدارة الصندوق فستكون وفق خليّة تنسيق مشتركة فرنسيّة سعوديّة” وفق مقاربة الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لـ “لبنان 24”. في السياق كشفت مصادر مطّلعة أنّه تمّ تكليف بعض الأجهزة اللبنانية والتي هي محل ثقة، ووسائل إعلامية، بوضع لائحة بالجمعيات التي تقدّم مساعدات إنسانية وصحيّة واجتماعيّة، وباتت اللائحة جاهزة، والعمل جار على تكوين داتا بالمؤسسات والقطاعات التي ستكون مشمولة بالدعم، والسفير السعودي سيشرف بنفسه وفريق عمله على كافة المشاريع التنموية التي ستنفّذ، بموجب الصندوق المشترك، فضلًا عن مراقبة عمليات إنفاق المساعدات. “أمّا القنوات اللبنانية التي ستعتمدها إدارة الصندوق، فهي عديدة، من ضمنها الجيش ، الذي أثبت شفافية ومصداقية خلال إدارته للمساعدات المختصّة بتداعيات إنفجار مرفأ بيروت وغيرها من المساعدات التي تولى عملية توزيعها، و سيكون له دور في هذه الآلية، إلى جانب مؤسسات أخرى عريقة في مجال العمل الإنساني، شكّلت مرجعًا لإدارة الصندوق في مرحلة تكوين الداتا المطلوبة للمؤسسات المشمولة بالإستفادة نظرًا لقاعدة البيانات التي تمتلكها، منها مؤسسة كاريتاس لا سبيل المثال لا الحصر، خصوصًا أنّ جزءًا من المساعدات التي دخلت إلى لبنان من بعض الدول الخليجية كانت من خلال كاريتاس، لاسيّما وأنها منظّمة غير حكومية وجمعية إنسانيّة وعضو في كاريتاس العالم، التي تعد من اكبر الشبكات الإنسانيّة العالميّة”.

قاعدة بيانات والجيش جهة فاعلة وموثوقة

ولأنّ الجمعيات المنضوية تحت مسمّى NGOs، تكاثرت في الآونة الأخيرة في لبنان، وحامت حول بعضها شبهات فساد، لاسيّما بعد تبخّر أموال، حصلت عليها لمساعدة المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، ولم تصل إلى مستحقّيها، كما أنّها لا تخضع إلى الرقابة الماليّة وتغيب معايير الشفافية لجهة الميزانية والبرامج والضرائب والمداخيل، لذلك حصلت مؤخّرًا عملية غربلة لهذه الجمعيات، بين موثوقة ومشكوك بنزاهتها، وفق ما أكّدت المصادر، من هنا ستذهب المساعدات إلى الجمعيات التي لديها تاريخ في العمل الإنساني، ولم تستبعد المصادر أن تشمل المساعدات مؤسسات وفق قاعدة 6 و6 مكرر، كي لا تكون محصورة بمنطقة معينة، وهل ما لمّح إليه السفير البخاري خلال كلمته في حفل توقيع المذكرة “نؤدي واجباتنا تجاه لبنان من دون تمييز بين طائفة وأخرى، إذ كرّست السعودية جهوداً مميزة مفعمة بالعطاء والروح الإنسانية التي تقدّر قيمة الإنسان”.

دول ستضم للصندوق

بلغت قيمة المساعدات 72 مليون يورو توزعت مناصفة بين السعودية وفرنسا، وليس 35 مليون يورو، كما ذكرت وسائل إعلامية، يوضح عجاقة، وذلك من أجل تنفيذ 35 مشروعاً في المرحلة الأولى، في ستة قطاعات رئيسية، معربًا عن اعتقاده أنّ الصندوق سيشكّل بابًا لمساهمات دوليّة في مرحلة لاحقة، من خلال انضمام دول أخرى كانت قد أعربت عن رغبتها في مساندة الشعب اللبناني، ومنها دولة الإمارات التي كانت قد أعلنت الإنضمام إلى الصندوق قبل أربعة أشهر، فضلًا عن إمكان انضمام الكويت وقطر وتركيا. خصوصًا أنّ البيان المشترك الذي صدر عن قمة ماكرون -بن سلمان في كانون الأول الماضي أشار إلى اتفاق الجانبين على “إنشاء آلية سعودية – فرنسية للمساعدة الإنسانية، وعزمهما على إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني”.

على رغم أهمية المبادرة الفرنسية السعودية في دعم لبنان في هذه المرحلة العصيبة من تاريخه “إلّا أنّ إنشاء الصندوق المشترك وتخصيص مساعدات بهذا الحجم، خارج إطار المؤسسات الرسميّة، عدا عن كونه يمسّ بالسيادة، ويشير إلى عدم ثقة المجتمع الدولي بالمؤسّسات الرسميّة، ينطوي على واقع بالغ الخطورة، إذ يشكّل مؤشّرًا على أنّنا ذاهبون إلى وضع صعب وحرج على مستوى تدهور الأوضاع المعيشيّة في المرحلة المقبلة” وفق ما يشير إليه عجاقة. وقد تكون باريس والرياض أرادتا القيام بإجراءات احترازية تحسبًا للأسوأ، خصوصًا أنّ مسار التعافي لم يبدأ، وتعذّر تطبيق الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي وباقي هيئات المجتمع الدولي، فضًلا عن ضبابية المرحلة التي ستعقب الإنتخابات النيابية، والفترة التي قد تستغرقها عملية تشكيل الحكومة، فيما لو استمكل المعطّلون نهجهم المعهود بتأخير تأليف الحكومة ربطًا بالصراع الأعظم على موقع رئاسة الجمهورية، والأحجام التي ستفرزها صناديق الإقتراع، ومحاولة أفرقاء الهيمنة على القرار والتحكّم بمفاصل المؤسسات الدستورية، وشلّ عملها، وليس تعطيل الحكومة على مدى أشهر على خلفية موقف الثنائي الشيعي من عمل القاضي طارق البيطار سوى مؤشّر على خللٍ أصاب عمل المؤسسات، وعطّل وظيفتها.

بأيّ حال، مساهمات الصندوق الفرنسي السعودي، وإمكان اتساع نطاقه ليشمل دولًا أخرى، تبقى منفصلة عن المساعدات التي تعد الجهات المانحة بها لتحريك العجلة الإقتصادية، منها الأموال المرصودة ضمن مؤتمر “سيدر”،  فيما لو عمل المجلس النيابي المقبل وحكومة ما بعد الإنتخابات على تطبيق الإصلاحات المطلوبة، لاسيّما تلك التي أعاقت الحسابات الإنتخابية الإلتزام بها في ولاية الحكومة الحالية.

Back to top button