السودان على رمال متحركة.. وحربها ستطول
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

مواجهات شرسة وقتال عنيف في جميع الزوايا وتدمير لكل شيء، واستهداف للبشر والحجر، ودوي الانفجارات يهز الأماكن ومن يستطيع الهرب من الموت القادم بقسوة يُغادر، فالعقل مُغيب والرشد غائب، والهدف كرسي الحكم حتى لو كان على دماء الشعب أو على دولة رمالها متحركة، فلا يهم ان يتحرك الجميع منقسمين بين هارب وميت كون الأهم أن يربض القائد الهمام على شعبه فقط على سدة القيادة ويحمل لواء الزعامة.

هذا هو الحال المؤلم الذي وصلت اليه الأوضاع في السودان العزيز على قلب كل عربي، فالقتلى تجاوزوا الألف والمستشفيات الخارجة عن الخدمة تعدت الستين، والهاربون من الموت تخطوا حدود النصف مليون، وعدد الجوعى ارتفع لخمسة عشر مليون مواطن، ورغم كل ذلك لا زالت القوات تتصارع وتتقاتل بحرب لن تنتهي قبل عشر سنوات لأ كل من المتقاتلين يظن أنه سينتصر، ليتزايد الموت والتهجير والجوع والفقر بعد اسبوعين من القتال، وتصبح البلاد تقتات على معونات دول العالم، ورغم هذا الوضع المأساوي سيستمر المتحاربون يقتتلون كون السودان آخر همهم وشعبها في ذيل حساباتهم.

وقد تُصبحُ الحرب أكثر دموية في حال التدخلات الخارجية بالعلن وهي الموجودة حالياً السر وسيرفع غطاء السرية بعد إجلاء رعايا الدول، وحينها ستبتلع الرمال المتحركة الجميع ولن يكون هناك كرسي للحكم يتنافسون عليه، بل ستظهر المشانق ويكون التنافس على من ينجوا منها، وحينها سيكون حتى الناجي نادم كونه فقد الاحبة، وسيقضي ما بقي من عمره يزور القبور ويغسلها بالدموع ويندب حظه العاثر بأنه نجا من الموت، فتلاحقه الذكريات وصورها الجميلة قبل الحرب والبشعة أثنائها وبعدها، لتتحول لقصص رعب يسردها على أسماع من ضن عليهم الموت بالموت ليموتوا في اليوم ألف مرة.

ان الدول التي تُقام على الرمال المتحركة لن تهدأ ولن تكون آمنة للعيش فيها الا بعد ربع قرن من نهاية الحرب، وهي صورة حية شاهدناها أبان الحرب الأهلية اللبنانية، ويشاهدها الجميع بهذا الزمن في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وقد تصبح تونس جزء من هذه المجموعة إذا لم يتنبه العقلاء لخطورة ما يجري، ورغم جميع هذه المآسي نستغرب الموقف العربي القائم على الخذلان بدلاً من لعب دور نزيه بحماية هذه الشعوب من موت يطرق الأبواب على مدار الساعة، ليكتفي العرب بالقلق والصمت وأحيانا لعب دور خفي في إطالة أمد الحروب، لنشعر ان القبر كبير وفيه مُتسع للجميع .

آخر الكلام:
الحرب الحقيقة ستبدأ بقوة بعد إجلاء الرعايا العرب والأجانب، لينطلق العنف باسوء صورة، فتقارب موازين القوى سيجعل الحرب تطول ويبدوا أن هناك قوى تريد للحرب أن تستنزف السودان حتى الرمق الأخير، والمؤلم ان قادة السودان يتحولون يوماً بعد يوم لدمى، والدمى لا تبني الأوطان

Back to top button