لبنان يترقب مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية
النشرة الدولية –
قنا – ميساء عبد الخالق –
يسود لبنان على المستويين الرسمي والشعبي حالة من الترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في لبنان لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية التي ستجري الأحد المقبل، حيث يواجه البرلمان الجديد استحقاقين الأول حكومي والثاني رئاسي.
ومن أولى المهام المنوطة بالبرلمان الجديد تشكيل حكومة جديدة، ووفقا للدستور اللبناني تعتبر الحكومة مستقيلة عند بداية ولاية مجلس نواب جديد، في حين يواجه البرلمان اللبناني الجديد استحقاق رئاسي، لأن ولاية الرئيس اللبناني الحالي العماد ميشال عون تنتهي في 31 أكتوبر 2022 .
وتنص المادة 69 من الدستور اللبناني على أن الحكومة تعتبر مستقيلة إذا استقال رئيسها، إذا فقدت أكثر من ثلث عدد أعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها بوفاة رئيسها،عند بدء ولاية رئيس الجمهورية، عند بدء ولاية مجلس النواب وعند نزع الثقة منها من قبل المجلس النيابي بمبادرة منه أو بناء على طرحها الثقة.
وبحسب المادة ذاتها عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكما في دورة انعقاد استثنائية، حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة.
ويتخوف مراقبون من صعوبات قد تواجه مسار تشكيل حكومة جديدة في لبنان خاصة أن تجارب لبنان تؤكد أن تشكيل الحكومات ليس بالأمر السهل، حيث تم تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة السيد نجيب ميقاتي في سبتمبر 2021، بعد 13 شهرا على استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس 2020، وبعد أن فشل السيد سعد الحريري في تشكيل حكومته الذي استمر في مهمة التكليف 9 أشهر واعتذر في يوليو 2021، وقبله أيضا مصطفى أديب الذي اعتذر عن مهام التكليف أيضا في سبتمبر 2020.
كما يتخوف المراقبون من عقبات قد تواجه البرلمان الجديد في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك انطلاقا من التجارب اللبنانية على هذا الصعيد، حيث انتخب الرئيس اللبناني الحالي العماد ميشال عون رئيسا للبنان عام 2016 بعد فراغ رئاسي استمر 29 شهرا وبعد تسوية بين الفرقاء اللبنانيين .
ورغم هذه المخاوف يعرب كل الشعب اللبناني عن آماله في أن تنتهي مرحلة الانتخابات اللبنانية بسلام، دون قلاقل أمنية وسط تأكيد رسمي على اتخاذ كافة الإجراءات من أجل تلافي المشاكل.
كما يتمنى اللبنانيون حصول تغيير في وضع لبنان المتردي اقتصاديا وسط تأكيد رسمي أن انتخابات المغتربين التي جرت يومي “الجمعة والأحد” الماضيين تشكل مؤشرا على مشاركة اللبنانيين المقيمين في الانتخابات التي ستجرى الأحد المقبل.
وأكد القاضي بسام مولوي وزير الداخلية والبلديات اللبناني في تصريح خاص لمراسلة وكالة الأنباء القطرية “قنا” أن نجاح العملية الانتخابية بالخارج هو مؤشر جيد، لتشجيع اللبنانيين بالداخل على التوجه للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع الأحد المقبل .
ورأى أن العملية الانتخابية دليلا على حاجة اللبنانيين للتعبير عن الحرية والديمقراطية قائلا: “كل ما كنا نسمعه عن مقاطعة للانتخابات من قبل بعض الفرقاء لم نلمسه خلال الانتخابات في الخارج من خلال المشاركة الواسعة للمنتخبين في بلاد الانتشار”.
وأكد وزير الداخلية والبلديات اللبناني على جاهزية الأجهزة الأمنية في بلاده خلال إجراء الانتخابات النيابية، مشيرا إلى أن كل الأجهزة الأمنية جاهزة مستنفرة وتقوم بواجباتها استباقيا على الأرض وصولا إلى يوم الانتخابات .
ولا يخفي مراقبون للشأن اللبناني مخاوفهم من فراغ حكومي بحيث يكون المشهد أكثر تعقيدا في حال انتهاء ولاية الرئيس قبل التوصل إلى تشكيل حكومة جديدة، خاصة أن الدستور اللبناني يعطي مهام تسمية رئيس الحكومة الجديدة لرئيس الجمهورية، وتنص المادة 53 من الدستور “يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها”.
ويشدد مراقبون على أهمية الإسراع في تشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية الرئيس اللبناني في “أكتوبر” القادم، لأنه في حال انتهاء صلاحية الرئيس اللبناني دون الإعلان عن حكومة جديدة تقع البلاد في مأزق دستوري، لأنه وفي حال خلو سدة الرئاسة لأي سبب كان، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء وفقا للمادة 62 من الدستور.
وأوضح المحلل السياسي اللبناني السيد بشارة خيرالله في تصريح خاص لمراسلة وكالة الأنباء القطرية “قنا” أنه فور إجراء الانتخابات النيابية يجب تشكيل حكومة جديدة إنفاذا للدستور اللبناني.
وأشار إلى أن الحكومة الجديدة ستكون الأخيرة في العهد الرئاسي الذي ينتهي شهر أكتوبر المقبل .. معربا عن مخاوفه من عقبات قد تواجه مسار تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات.
ورأى أن نتيجة الانتخابات النيابية هي التي تقرر وجود حكومة من عدمه.. مبديا مخاوفه من التعطيل إذا لجأت القوى السياسية المتضررة من تشكيل الحكومة وأرادت الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال لشل البلد.
وأجريت يوم الأحد الماضي المرحلة الثانية من الانتخابات النيابية اللبنانية والمخصصة للبنانيين المقيمين في أوروبا والأمريكيتين وأفريقيا والإمارات، وذلك بعد إنجاز المرحلة الأولى الجمعة الماضية في الدول العربية وإيران، بينما سيكون اقتراع اللبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانية في 15 مايو الجاري لاختيار 128 نائبا، سيشكلون البرلمان المقبل لولاية تمتد أربع سنوات.
وفي هذا السياق، أفادت الخارجية اللبنانية في بيان لها بأن إجمالي عدد الناخبين اللبنانيين المسجلين في المرحلة الثانية يبلغ 194,348 في 48 دولة تشمل دول أوروبا والأمريكيتين وأفريقيا والإمارات مقارنة مع 30,929 ناخبا في المرحلة الأولى للانتخابات النيابية للبنانيين في 10 دول تشمل البلدان العربية وإيران.
وقد انتهت المرحلة الأولى والثانية من انتخابات لبنان النيابية لعام 2022، بعد تصويت كل المغتربين في 58 دولة، وقد وصلت نسبة الاقتراع إلى حدود 60 بالمائة.
ووفق الأرقام الأولية غير النهائية التي أعلن عنها مدير المغتربين في وزارة الخارجية، السيد هادي هاشم، فقد صوت ما بين 128 ألف ناخب و130 ألفا، مقيمين بالخارج، فيما كانت نسبة المشاركة في انتخابات 2018 قد بلغت 50.76 بالمائة.
وسجلت سوريا أعلى نسبة اقتراع بين الدول، حيث اقترع 853 ناخبا من أصل 1018، مشيرا إلى أن الأرقام المعلن عنها غير نهائية بانتظار أن تصدر عن لجان القيد في 15 مايو الجاري.
ويقترع اللبنانيون في الداخل اللبناني وسط ترقب رسمي وشعبي، حيث تعد هذه الانتخابات الأولى التي يتم إجراؤها بعد الاحتجاجات التي جرت في السابع عشر من أكتوبر 2019. كما يأتي الاستحقاق الانتخابي في ظل أزمة مالية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في تاريخ لبنان.
وكانت وزارة الداخلية اللبنانية قد أعلنت أن مجمل عدد اللوائح الانتخابية المسجلة بلغ 103 لوائح، في حين بلغ عدد المرشحين 718 مرشحا، يتنافسون على 128 مقعدا نيابيا.