اغتيال كلمة حقّ

النشرة الدولية –

على مسافة أيام فقط من اليوم العالمي لحرية الصحافة، اغتال جيش الاحتلال الصهيوني الصحافية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، مسجلاً جريمتين في آن واحد، قتل مواطن فلسطيني في أرضه، وقتل صحافية تؤدي عملها في نقل الحدث مرتدية سترة الصحافة التي احترمتها المواثيق الدولية في النزاعات!

وأنا أكرر مشاهدة لحظة سقوط المغدورة شيرين، تراءى لي أن إزهاق روحها بحد ذاته تقريراً كاملاً ومفصلاً، يشبهها، ويشبه تقاريرها التي لطالما تابعناها خلال ٢٥ عاماً في قناة الجزيرة، تنقل أحداث وطنها خلال هذه الأعوام، لتري العالم صورة الاحتلال الصهيوني الحقيقية، فكان رحيلها هي الصورة الأكمل للتقرير الذي أثبت الطغيان، والاغتصاب والجرائم البشعة التي يرتكبها هذا الكيان المحتل.

فمهما غيروا القصص، وصاغوا السيناريوهات، لا يمكن للحظة سقوطها العالي تضحيةً الا أن تكون أبلغ من أي قصة يروونها كذباً، فهي سقطت برصاص احتلال، فضحته طيلة سنوات عملها الصحافي، واغتيلت على مسافة أيام لليوم العالمي لحرية الصحافة، لتثبت أن الكلمة الحرة عملة نادرة، وان المناداة بوجود حرية تامة للصحافة ما زالت حلماً صعب التحقق، فلطالما ان الكلمة الحرة تعري الفساد والطغيان والظلم، لا تزال مطاردة ومقيدة.. بل وتسقط شهيدة على وقع الرصاص، كما حدث مع شيرين، كلمة فلسطين الحرة دائماً.

وهنا، ومع كل قطرة دم لفلسطيني، وكل صوت لأم تبكي أرضها قبل استشهاد ابنائها، أشعر بفخر واعتزاز بالكويت، هذه الدولة الصغيرة بمقاييس الجغرافيا، الكبيرة دائماً بمواقفها البطولية، التي ظلت راسخة المبدأ، رافضة للتطبيع، مصرة على أنه كيان صهيوني لا يمكن الاعتراف به، ومؤكدة ان فلسطين كانت وما زالت وستبقى قضية العرب الأولى، ولا يمكن تغيير هذا المبدأ.

شكرا للكويت التي أدانت واستنكرت اغتيال شيرين، لتسجل موقفاً جديداً في سجلها المشرف تجاه القضايا العربية الحقة، ولتثبت أن وجودها الإنساني ليس موقفاً عابراً، بل مبدأ ثابت، لا يتغير، فخورة ببلدي، بلد العروبة والسلام والإنسانية، بلد الأيادي الممدودة دوماً للمصالحة بين الأخوة العرب، وبلد الأنياب الحادة تجاه مغتصبي الحق العربي ومريقي الدماء الشريفة لشهداء فلسطين، فخورة بكويت المبدأ الراسخ الذي لا يعرف الرضوخ.

وأخيراً.. وداعاً شيرين، ابنة القدس التي رحلت مخلفة ضجيجاً أرهب العدوان.

Back to top button