لماذا الكويت أفضل من جيرانها؟
بقلم: حمزة عليان
حمزة عليان
النشرة الدولية –
في اللحظة التي جلسنا فيها بمنزل الصديق محمد المعتوق (أبو أياد) يوم الجمعة لتناول الغداء، كانت التحذيرات من الأرصاد الجوية بتوخي الحذر وعدم الخروج إلى الشارع بسبب عواصف ترابية حولّت الطقس إلى «لوحة صفراء» حجبت الرؤية تماماً، وكان الحديث الذي أمسك بطرفه الأخ سامي الجزاف وراح يعدد مزاياه ولماذا الكويت تتقدم على غيرها من دول الخليج وحتى دول إسكندنافية، فالكويت لديها بنى تحتية لا تملكها دول الجيران، ونحن نعيش في دولة رفاهية لا يقدر قيمتها إلا من اختبر العيش خارجها، والمسألة ليس فيها مزايدات ولا علاقة لها بالشأن السياسي ولا بغول الفساد المستشري أو حتى بالأزمات التي تواجهها الدولة من وقت لآخر.
يقول، لماذا لا نعترف بحقيقة وضعنا، وضرب على ذلك مثلاً، خذ منطقة الرميثية، فإن من يعيش فيها من مواطنين ووافدين، يتمتعون بكافة الخدمات التي يحتاجونها في معيشتهم وحياتهم اليومية، المخفر إلى جانب الجمعية التعاونية، والمستوصف إلى جانب مدارس البنات والصبيان وبكل المراحل، من الروضة إلى الثانوي، ما تريده من خدمات مؤمن لك على مدار الساعة، من كهرباء ومياه واتصالات وطرق سهلة وسريعة، فكرة الخدمات التي يحتاجها المواطن لا تتطلب منك سوى الاتصال والطلب، حتى جرة الغاز تصلك إلى منزلك بعد ساعة وبثمن بخس وهو 750 فلسا وهذا مبلغ لا يجارينا فيه أحد.
وما يتوافر في منطقة الرميثية تجده في أي منطقة بالكويت من الجهراء إلى الأحمدي، وهذا بعكس كل الدول الخليجية والعربية، إذ كلما ابتعدت عن المدينة أو العاصمة، تتراجع الخدمات وأحيانا تختفي وتشعر بالتمييز والتعاسة بسبب ذلك.
الحديث وكما أجمع عليه رواد منتدى يوم الجمعة في دارة العم أبو أياد عما تقدمه الدولة للمواطن من خدمات ورغد العيش دون أن يدفع أي ضريبة، كما هي حال دول إسكندنافيا والتي تعتبر من الدول الأكثر رفاهية في العالم، فهناك الخدمة مقابل الضريبة الموجعة والتي تلتهم أحياناً أكثر من ثلث الدخل الشهري، والدواء هنا والخدمات الصحية مؤمنة ليس داخل الكويت فقط بل خارجها، والتعليم مجاني من الروضة إلى الجامعة، بل الحكومة تدفع فلوسا للطلبة لمساعدتهم!
الحصول على وظيفة ملزمة بحكم الدستور ولا أحد يستطيع أن يسلبها أو يمنعها عن المواطن، دعم مالي للأسرة والأولاد وتأمين القرض والسكن، أي أن المواطن مضمون من المهد إلى اللحد من قبل الدولة، فالكويت لديها أسبقية في بناء المؤسسات والبنى التحتية وتخطيط المدن– (مرحلة الخروج من السور عام 1957 في عهد الشيخ عبدالله السالم ودور الجنرال الإنكليزي هيستد)- وهذه حقيقة، بعيداً عن الاستعراضات بأفخم وأطول وأكبر برج أو مول تجاري أو حديقة عامة. وبعد أن أفرغ «أبو بدر» ما في جعبته بادره أحد الحضور، يا أخي لم يقل أحد غير ذلك، لكننا توقفنا عن الجري والبناء والتقدم، منذ زمن ولم نتطور، أصابنا الترهل والكسل وجيراننا سبقونا وبتنا نحن في الخلف، أليس هذا مدعاة لنا جميعاً للتفكير من جديد وإعادة النهوض ببلدنا كما كنا سباقين لنحافظ على ريادتنا والتي كانت نموذج لأشقائنا منذ الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات؟
بالطبع هناك أخطاء وتعثر في الخطى ومن لا يعترف بعلته يدفع الثمن غالياً، لكن تبقى الحقيقة ساطعة ولا يحجبها غبار أو عواصف ترابية، وحتى لا يفسر كلامنا بالخطأ ولا يذهب أحدنا إلى التشكيك، فما يدعو إليه علماء المستقبل وخبراء الاقتصاد بأنه لا بد من تغيير نمط العيش بدولة الرفاهية وعدم الاعتماد كلية على الدولة، لأن مادة النفط في طريقها إلى الانحسار، وهذا من التحديات التي تواجهها الكويت وهو استحقاق لا بد من التهيئة له وخلق الأدوات والمناخ السياسي والاقتصادي، المناسب أي باختصار، إيجاد ثقافة مختلفة تماماً عما يعيشها المواطن والوافد معاً.
***
توضيحاً لما ورد في المقال الأسبوع الماضي بعنوان «وفاء الصانع بصمة في ذاكرة وطن» وبعد اتصال جرى مع زوجها الأخ فواز القطان تبين أن المرحومة وفاء حمد الصانع تخرجت في جامعة الكويت (ليسانس لغة إنكليزية) ثم أرسلت في بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة الأميركية ونالت درجة الماجستير بعلوم المكتبات من جامعة «دنفر» بولاية كولورادو.