الرقية.. وبرنامج محمد العوضي
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
هاجم رجل الدين، محمد العوضي من يقومون بأعمال «الرقية»، وحسناً فعل، محذراً من أن بعض ممتهنيها يعبثون بأرواح الناس وعقولهم وأموالهم تحت ستار العلاج! وكنت أتمنى لو أنه قال ذلك قبل ثلاثين عاماً، لكان أنقذ أرواحاً وأوقف استغلالاً بشعاً للبعض، ومتاجرة أبعد ما تكون عن العقل والمنطق، ولكنه اختار الصمت، وتسبب أحد من يقومون بالرقية يوما في موت مواطن كان يقوم بعلاجه، وأدين «الراقي» حينها، وحكم عليه بالسجن، ولكن انتماءه الحزبي شفع له، وخرج قبل إكمال مدته، وحصل على الجنسية الكويتية، ودفعت به القوى الحزبية إلى الأضواء، فأصبح نجماً، وحقق لنفسه ثروة، ولكن سخافات «الربيع العربي»، وانجراف بعض القوى لها، ومنها الإخوان، دفعته لأن يكون بوقاً لها، فتقرر سحب الجنسية منه، ولكنها أعيدت له تالياً، بدعم من القوى الدينية نفسها، ليعود مؤخراً إلى مهنة جميع التبرعات و«تجنيد» الدعاة.
***
التحرّك الأخير للقوى الدينية ضد تجارة ممارسي الرقية أمر لا يخلو من الشبهة، فليس هناك مدرسة أو طريقة يمكن من خلالها إثبات جدارة شخص ما للقيام بالرقية، من عدمها، وبالتالي فكل ما يجري على الساحة هو أقرب إلى الكسب المادي منه للعلاج الروحاني وإخراج الممسوس من حالته! فما الذي استجد مؤخراً لكي تتحرك القوى الدينية ضدها؟
***
استمعت للإعلامية «فجر السعيد»، وهي تنتقد وزير الإعلام، لسماحه بصرف مبلغ 120 ألف دينار لبرنامج «محمد العوضي» الرمضاني في تلفزيون الدولة. وبيّنت، من واقع خبرتها الطويلة كمنتجة أن ما دفع له كثير جداً، وأنها على استعداد لإنتاج البرنامج نفسه بجزء صغير مما دفع فيه!
قمت من طرفي بالاتصال بأحد المختصين في هذا المجال، وطلبت منه تزويدي بمقارنة بين برنامج «بيبان عبدالرحمن»، مثلاً، وهو برنامج متنوع وضخم نسبياً، ببرنامج العوضي «سألوني»، فكانت النتيجة صادمة بالفعل!
تبيّن أن الأخير برنامج نصائح دينية يتحدث فيه مقدمه في %90 من وقته من واقع سابق خبرته الطويلة في هذا المجال، من دون حاجة إلى تحضير وإعداد. كما أن ديكور البرنامج يحتل مساحة لا تزيد على 40 متراً مربعاً، وغالباً يكون من إعداد ورشة التلفزيون. كما لا يحتاج تصويره إلى غير كامرتين خفيفتين ثابتتين، والمادة الفيلمية لا تتطلب مونتاجاً غالباً، وتحفظ على مادة خام لا يتجاوز ثمنها 40 ديناراً. ويمكن لأي مخرج في التلفزيون القيام بمهمة إخراج البرنامج الخالي من التعقيد، فهذا جزء من عملهم.
ولو نظرنا لبرنامج «بيبان عبدالرحمن» لوجدنا أن إنتاجه وإخراجه وتقديمه تطلب مجموعة من المحترفين في مجالهم من أصحاب الأجور العالية. كما أن تصويره تم على مساحة تزيد على 500 م2، وفي موقع تصوير مستأجر مقابل 700 دينار في اليوم الواحد، مع كل ما تطلبه ذلك من ديكور مكلف يتجاوز ارتفاع بعض أجزائه الخمسة أمتار، وفريق عمل لا يقل عن 12 للقيام بمختلف مهام استضافة 30 شخصية طوال الشهر، وبينهم نجوم لا يستضافون مجاناً.
كما أن مقدم البرنامج احتاج إلى عشرات البذلات والقمصان وربطات العنق، مقارنة بملابس مقدم البرنامج الآخر البسيطة وغير المكلفة!
كما أن حفظ المادة الفيلمية لبرنامج بيبان تطلب شراء «هاردسكات» كلفت المنتج 1500 دينار، هذا بخلاف ما تطلبه الديكور من مواد كثيرة كالزهور والنباتات وخزائن حديدية، وكراسي، وفريق إعداد موسيقي.. إلخ ذلك من تكاليف، إضافة للمخاطرة التي دخلها المنتج، حيث يتوجب عليه الصرف على 30 حلقة، وانتظار أن تدفع له الوزارة تالياً، وكل ذلك مقابل 95 ألف دينار فقط، مقارنة بعقد العوضي الذي بلغ 120 ألف دينار!