“سيزوبيل” تطلق “مين قدّك مين حدّك”
النشرة الدولية –
نداء الوطن – ريتا ابراهيم فريد –
في إطار نشاطاتها المستمرّة لتقديم الدعم لذوي الإحتياجات الخاصة أو ذوي الإرادة الصلبة، أطلقت مؤسّسة “سيزوبيل” الأسبوع الماضي حملة جديدة تحت شعار “مين قدّك مين حدّك” ضمن رؤية للسنوات الخمس المقبلة. وتهدف الحملة الى التوقّف عن الحديث عن إعاقة هؤلاء الأشخاص، إذ حان الوقت لتسليط الضوء على مواهبهم وطاقاتهم وقدرتهم على أن يلعبوا دورهم في المجتمع.
تشير مسؤولة قسم التواصل في جمعية “سيزوبيل” ماريا بو سعدا في حديث لـ”نداء الوطن” الى أنّ المؤسّسة اختارت شعار “الكرامة بالاهتمام” انطلاقاً من كونه قيمة تتوّج حقوق الإنسان، إضافة الى أنّ الكرامة هي من ضمن الركائز الأساسية لرسالة المؤسّسة، وأضافت: “كلّ ما تقوم به “سيزوبيل” لخدمة الأطفال المصابين بإعاقة يهدف بشكلٍ أساسي لأن يعيشوا بكرامة وسعادة. وبالتالي فكلّ نشاطاتنا تندرج تحت هذا الشعار. وقد ارتأينا هذه السنة أن نطلقه الى العلن بشكلٍ أوسع، عسانا نصل الى مرحلة نتوقّف فيها عن التركيز على موضوع الإعاقة، ونستعيض عن ذلك بتسليط الضوء على مواهب وطاقات هؤلاء الأطفال وقدرتهم على تحقيق الإنجازات. فهم بالفعل موهوبون، كلّ حسب قدراته”. وأوضحت أنّ الحملة ليست محصورة ضمن مؤسّسة “سيزوبيل”، بل تطال كلّ الأشخاص المصابين بإعاقة أينما كانوا. والهدف منها تغيير النظرة تجاههم والسير باتجاه ثقافة جديدة في المجتمع. من هُنا حاولت المؤسّسة تلخيص ذلك ضمن حملة تحمل شعار “مين قدّك مين حدّك”، أطلقتها عبر الوسائل الإعلامية المختلفة ودور السينما ومواقع التواصل الإجتماعي.
كرامة الإنسان ككيان وليس كرقم
تجدر الإشارة الى أنّ “سيزوبيل” أطلقت حملتها عبر عدد من الفيديوات القصيرة، وركّزت في البداية على ثلاثة أبطال: وليد الذي يمتلك موهبة في الرسم، وهو الذي رسم اللوحة التي ظهرت في الإعلان الترويجي للحملة. سارة التي نالت ميداليات بعد مشاركتها في بطولات عالمية. وعلاء المبدع الذي تخطّى صعوباته ووضع تأمّلاته وخواطره في كتاب ساعدته المؤسسة على إصداره في عيد الميلاد الماضي. وتوضح ماريا في هذا الإطار: “من خلال التغيير الذي نسعى الى تحقيقه، يمكننا بكلّ بساطة أن ننظر إلى هؤلاء الأشخاص ونقول لهم: عنجد مين قدكن؟ فهم بأمسّ الحاجة الى الإيمان بأنفسهم وبقدراتهم كمرحلة الأولى. ويحتاجون في المرحلة الثانية الى من يقف الى جانبهم ويرافقهم لتحقيق أحلامهم”. كما أطلقت المؤسسة فيديو آخر حمل شعار “أنا حدّك”، وأرفقته بمقاطع أخرى أوضحت فيها الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها تقديم الدعم والمساعدة: إما عبر المساهمة المادية، أو شراء المنتجات أو العمل التطوّعي إضافة الى توجّه مهني يتضمّن إختصاصات حول كيفية تقديم الخدمات… فالأهمّ هو التركيز على المحافظة على كرامة الإنسان ككيان وجوهر، وليس كرقم.
فلنتوقّف عن اعتبارهم مختلفين عنا
على صعيد آخر، لا شكّ في أنّ الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها لبنان اليوم انعكست بطبيعة الحال على جمعية “سيزوبيل” وعلى العاملين فيها. فما الذي يعطيهم الدافع للاستمرار في إطلاق النشاطات والحملات؟ تبتسم ماريا قبل الإجابة عن هذا السؤال وتقول: “هم الذين يعطوننا الدافع، خصوصاً حين نلمس الفرح على وجوههم ونشعر باندفاعهم وحماسهم. علماً أنّ كلّ من يعمل في المجال الإنساني لا بدّ أن يتعلق بما يقوم به ويشعر أنّه قطعة من قلبه”. وتابعت: “لن نتخطّى الإعاقة إذا انحصر حديثنا حولها. علينا أن نتوقّف عن النظر إليهم على أنّهم مختلفون. فكلّنا لدينا إعاقات قد تكون مخفيّة. هم إعاقتهم ظاهرة، وهذ هو الفرق الوحيد بيننا وبينهم”. وسألت: “لم علينا أن نستضيفهم دوماً في إطار شهادة حياة كي يتحدّثوا عن أوجاعهم؟ هناك أشخاص موهوبون وقادرون ذهنياً وفكرياً على إبداء آرائهم في السياسة والرياضة والمجتمع وغيرها. فلمَ عليهم أن يتكلّموا فقط عن إعاقتهم؟ وطبعاً لا أقصد هُنا شديدي الإعاقة الذين يواجهون صعوبة في التعبير. بالتالي بات من الضروري تغيير هذه الذهنية. فنحن نعتبرهم زملاء لهم دورهم في المجتمع مثلنا تماماً. وسيتركون فراغاً ونقصاً إن لم يمارسوا دورهم”. وأشارت الى أنّهم اختاروا مدّة خمس سنوات لهذه الرؤية، لأنّ تغيير الذهنية يحتاج الى فترة زمنية لبنائه ولا يمكن أن يتمّ بين ليلة وأخرى.
من حقّهم أن يندمجوا في المجتمع
تطرّقت ماريا أيضاً الى أهمية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع. وسألت: “لماذا يجب أن يكونوا في جمعيات طوال الوقت؟ هذه الذهنية يجب أن تتغيّر. من حقّهم في صغرهم أن يكونوا في مدرسة مثل جميع الأطفال، وأن ينخرطوا في سوق العمل حين يكبرون. من هُنا نشدّد على ضرورة تطبيق المادة 220 التي تجبر أرباب العمل بـكوتا 3% من موظّفين من ذوي الاحتياجات الخاصة”. وأضافت: “حين يصلون الى سوق العمل سيُحدثون فرقاً كبيراً، وسيكونون منتجين ويساعدون عائلاتهم التي تعيش قلقاً دائماً على مستقبلهم. لا بدّ إذاً من خطّة واضحة لتحقيق ذلك”. وفي هذا الإطار، لفتت ماريا الى أنّ “سيزوبيل” تعمل على تطوير برامجها ضمن المؤسّسة، خصوصاً للأشخاص الذين يواجهون صعوبة في الإنخراط ضمن سوق العمل بسبب إعاقتهم الشديدة، بحيث يكونون ضمن مشاغل في المؤسّسة.
نحن أقوى حين نكون معاً
هذا وأشارت بو سعدا الى نشاطٍ كبيرٍ تحضّر له المؤسّسة في 26 حزيران المقبل، حيث ستقام حفلة نهاية العام الدراسي تحت عنوان “مين قدّك”، وتتضمّن معارض رسم وصور وأعمال تضيء على مواهب الأطفال.
كما وجّهت رسالة الى أهالي الأطفال المصابين بإعاقة، داعية إياهم الى الإيمان بأولادهم وتأمين الدعم لمواهبهم التي تستحقّ العمل على تنميتها. وختمت بالقول: “علينا أن نغيّر نظرتنا وأسلوب تفكيرنا. فنحن أقوى حين نكون معاً”.