ماء الكويت.. والأطراف الثلاثة الضاغطة
بقلم: أحمد الصراف

 

النشرة الدولية –

هناك ما يقارب الخمسمئة وظيفة حكومية مهمة، منها 160 عليا، شاغرة، بانتظار قرار حكومي، طال انتظاره، ولا يمكن تصور مدى خطورة بقاء هذه الوظائف دون مدير أو وكيل أصيل، وسبق أن تطرقنا في مقال أمس لمدى خطورة الطريقة التي تتبع غالبًا، وستتبع مستقبلا في شغل هذه المناصب وذلك اعتمادا على الترضيات والمحاصصة، وشراء الولاءات على حساب كفاءة الإدارة الحكومية، فزيارة واحدة لعدد من أكثر جهات الدولة اعتمادا على التقنية، كالكهرباء والماء والأشغال وهيئة الطرق وهيئة المواصلات، ووزارتها المتآكلة، ومعهد الأبحاث، ومختلف مختبرات الدولة ومحطات التكرير والتقطير، وورش وزارة النفط، نجد كمّاً كبيرا من الإداريين، وحتى التقنيين، الذين تم توظيفهم مسؤولين في وظائف عالية التقنية أحيانا Very Technical، لا يفقه شاغلوها غالبا شيئا عن طبيعتها، فتراهم يؤجلون اتخاذ القرارات، أو يخطئون فيها، أو يعتمدون على غيرهم في إنجازها، مكلفين المال العام سنويا مئات ملايين الدنانير نتيجة قراراتهم الخاطئة، أو غيابها، ومن له تعامل أو اتصال مع هذه الجهات يعرف ذلك جيدا!

من قام بتعيين هؤلاء الموظفين الكبار، شبه عديمي الخبرة والمؤهل، في مناصبهم لهم «أعذارهم»، فهم مجبرون على تلبية مطالب من هم أعلى منهم، أو مجبرون على إرضاء القوى القبلية والطائفية والدينية السياسية، خوفا على أوضاعهم. ويصبح الأمر مدعاة للقلق مع كل هذا العدد من شاغلي المناصب العليا من أصحاب الشهادات المتواضعة المصدر، أو أحيانا غير معروفة المصدر أصلا، من الثانوية العامة وحتى الدكتوراه، مع ندرة الأكفاء بينهم، وبالتالي ينتهي وضع الدولة العام لما نحن فيه، فمصلحتها ليست ضمن أجندة الأطراف الثلاثة الضاغطة أعلاه.. أبدا!

***

قد لا يصدق البعض، في ظل كل هذا الفساد الذي نعيشه، أنني بذلت، على مدى أربع سنوات، الكثير من الجهد وصرفت عشرات آلاف الدنانير فقط لكي «أقنع»، أكرر «أقنع»، وزارة الكهرباء، بحقيقة حصولي على التيار الكهربائي مجانا لمكاتبي ومخازني في صبحان، وذلك بسبب عدم وجود عداد لها، فكيبل الكهرباء تم إيصاله لنا، من قبل الجهة التي كانت تدير القطعة 11 في صبحان، من محطة التغذية دون المرور على عداد كهربائي! وبفضل جهودي الشخصية تم أخيرا تركيب العدادات وأصبح وضعنا سليما من الناحية القانونية، ومكلفا جدا لنا.

يعتبر هذا التصرف، في دولة «خذ ما اتخذ»، أي الإصرار على دفع ثمن ما يتم استهلاكه من كهرباء ورفض مجانيته، نوعا من الحمق، ولكني أفضل ذلك لكي أنام قرير العين ولا أفاجأ بمن يتهمني بسرقة كهرباء الدولة، وأنا الذي سخرت قلمي لمحاربة الفساد والسراق!

***

اكتشفت بعد فترة من انتهائي من مشكلة الكهرباء أننا نحصل أيضا على المياه لمكاتب الشركة ومخازنها مجانا، فسعيت لإصلاح الوضع على أيام الوزير السابق، وتركيب عدادات لاحتساب تكلفة استهلاك المياه، ولكن جهودي ذهبت سدى، ولا أريد، حقيقة هدر سنوات أخرى في ملاحقة مختلف أجهزة الوزارة لكي تقوم بتركيب عدادات المياه، وبالتالي أتوجه بمقالي هذا للسيد وزير الكهرباء والماء، المهندس علي الموسى، بعد كل الذي سمعته عن منجزاته، مع تمنيات الكثيرين تثبيته في منصبه في التشكيل الوزاري المرتقب، لكي يولي هذا الموضوع اهتمامه، فقد تعبت شخصيا من الملاحقة!

 

زر الذهاب إلى الأعلى