ما أهمية تجربة الكويت البرلمانية لدول الخليج؟
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
الجريدة –
بين وقت وآخر يأتيني عبر الإيميل الخاص بي وبالمجان أحدث الكتب التي يترجمها الدكتور حمد عبدالعزيز العيسى، وأحتفظ بها وبعد فترة أعيد قراءتها، هذا الرجل أقام ندوتين في الكويت الأسبوع الماضي لتوقيع كتاب «القنبلة… كبرى جرائم التاريخ» والثانية ندوة تحدث فيها عن تجربته في عالم الترجمة، وآخر كتاب وصلني بعنوان «سبب تأسيس مجلس الأمة الكويتي» وهو أقرب إلى الدراسة منه إلى الكتاب، لكن المترجم أضاف إليه صفحات خاصة بوثائق من الصحف العربية «النادرة» وهوامش عديدة اجتهد في الوصول إليها.
الدراسة أعدها البروفسور مايكل هيرب ونشرت على موقع مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، وهذا يعني أنها ليست جديدة وعمرها الآن بلغ 6 سنوات، أعطى المترجم تعريفاً عن هيرب، والذي تعاملت معه قبل سنوات سابقة عندما كنت أعمل في «القبس» ومن موقعي كمسؤول لمركز المعلومات والدراسات، وبعد سرد عدد من عناوين الكتب التي أصدرها، وبصفته أستاذا للعلوم السياسية في جامعة ولاية جورجيا الأميركية يتوقف المترجم عند إنشاء هيرب لـ«قاعدة بيانات السياسة الكويتية» ويصفه بأنه أهم باحث غربي متخصص في السياسة الكويتية.
يستغرب المترجم اهتمام هيرب «غير العادي» و«اللافت للنظر» بالكويت، وإجادته اللغة العربية، وقيامه بتأسيس قاعدة بيانات السياسة الكويتية والتي يعمل على تحديثها مع كل جولة جديدة من الانتخابات ظناً منه أنه يقدم مقترحات واستشارات للحكومة الكويتية، و«تأسيس قاعدة بيانات» عمل يحتاج إلى ممول ثري لأنها تتطلب مجهوداً هائلاً، واضعاً علامة استفهام حول دوره ومتسائلاً عن «الثمن» الذي يدفع له؟
عودة إلى الموضوع الرئيس للدراسة والسؤال عن سبب تأسيس مجلس الأمة؟ يقول «هيرب» في ملخص الموضوع: «لماذا يوجد في الكويت برلمان قوي بينما لا يوجد برلمان مماثل في دول الخليج الأخرى؟ ويدرس أسباباً وتبريرات عدة لانبثاق مجلس الأمة الكويتي، ويناقش أعمال جيل كريستال، وشون يوم، وآخرين، ويجادل بأن التهديد العراقي كان له دور حاسم في انبثاق مجلس الأمة خلال حادثتين تاريخيتين هما: كتابة الدستور عام 1962، واستعادة العمل بالدستور عام 1992 بعد التحرير من الاحتلال العراقي، وفي الختام يستكشف الدروس المستفادة من الحالة الكويتية فيما يتعلق بآفاق الإصلاح في بلدان الخليج الخمسة الأخرى، الدراسة تعتمد على بحث قدمه في كتابه «أجور النفط: البرلمانات والتنمية الاقتصادية في الكويت والإمارات العربية المتحدة»، الصادر عام 2014.
يؤكد المؤلف هيرب في معرض حديثه عن التجربة البرلمانية في الكويت أنها ذات أهمية مركزية لدول الخليج بقوله: «سوف يتلاشى مزاج رد الفعل السلبي على الربيع العربي بمرور الوقت، وعندما يحدث ذلك، سيبحث مواطنو الخليج عن نماذج للمشاركة السياسية الموسعة، والكويت تقدم مثل هذا النموذج، ولذلك من المفيد النظر في جذور وآفاق مجلس الأمة الكويتي، أنه أقوى هيئة تمثيلية في المنطقة وهو شئنا أم أبينا، نموذج مقنع لكيفية توسيع المشاركة السياسية في يوم من الأيام في الدول الأخرى، ولا يعد النموذج الكويتي البديل الأكثر ترجيحاً للوضع الراهن فحسب، بل يمكن المجادلة بأنه البديل الوحيد المرغوب للوضع الراهن الذي يمكن تحقيقه في، ممالك الخليج».
انتهى الأمر بصاحب الباع الطويل في الشؤون الخليجية وكتابه الأكثر شهرة «كل شيء في العائلة: الاستبداد والثورة والديموقراطية في ممالك الشرق الأوسط» إلى الخلاصة التالية: «نظرا إلى وجود عوامل لا تشجع على استحداث دستور على الطراز الكويتي في أي مكان آخر في الخليج يتساءل: هل هناك أي سبب للاعتقاد بأن النموذج الكويتي قد يكون له أي فائدة للبلدان الخليجية الأخرى؟ في الحقيقة، هناك سبب لمثل هذا الاعتقاد.. من المحتمل أن يكون حاسماً في التطور السياسي المستقبلي لبعض البلدان الخليجية، باختصار هناك القليل من البدائل الجيدة للنموذج الكويتي إذا وجدت الأسر الحاكمة نفسها في موقف صعب، وتحت ضغط من الخارج أو الداخل»، لذلك يعتبر أن النموذج الكويتي المجرب الوحيد الذي يوفر الاستقرار السياسي المنشود.