المسكرات والهاتف النقال
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
كتب الزميل ناجي سعود الزيد مقالاً في «الجريدة» تعلق ببحث علمي جريء وطريف نشر، حسب قوله، عام 2006 في دورية عالمية تسمى human factor أو العامل الإنساني.
تم اختيار أربعين من الباحثين الاجتماعيين، لاختبار مهاراتهم في قيادة السيارة عن طريق «شبيه مصطنع» أو المحاكاة عن طريق الكمبيوتر driving simulator لقياس مدى تركيزهم أثناء القيادة من دون حوادث، وطلب من المجموعة الأولى من العينة أن تكون واعية وألا تكون تحت تأثير أي مؤثرات داخلية أو خارجية.
أما المجموعة الثانية فقد سمح لها باستخدام الهاتف النقال وحمله في اليد أثناء القيادة.
أما المجموعة الثالثة فقد طلب منها استخدام الهاتف النقال الثابت، من دون استعمال اليد، وعن طريق سماعة الأذن.
أما المجموعة الرابعة فتم اختبار المشاركين فيها، وهم تحت تأثير مشروبات كحولية معدلاتها فوق المسموح به لقيادة المركبات.
تم بعدها إعداد النتائج وملاحظة عدد الحوادث والمخالفات التي ارتكبتها كل مجموعة.
يقول الزميل ناجي إنه تصور، وهذا طبيعي، بأن الحوادث والمخالفات، للمجموعة التي كانت تحت تأثير الكحول، ستكون الأكثر، ولكن النتائج بينت أن الفريقين اللذين سمح لهما باستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، سواء كان ثابتاً أو باستعمال اليد، فاقت مخالفاتهما عن الذين كانوا تحت تأثير الكحول، وبعدة مراحل! وأن التأثير السلبي لاستعمال الهاتف أثناء القيادة، على عدد الحوادث التي ارتكبت، ازداد خمس مرات عن الذين تم اختبارهم وهم في حالة طبيعية، وأن الحوادث بسبب استعمال الهاتف النقال مرتفعة جداً بالمقارنة مع من لا يستخدمه أبداً أثناء القيادة!
***
قمت من جانبي بالبحث أكثر في هذا الموضوع، فاكتشفت أن دراسات عدة أجريت في هذا الميدان وأجمعت على النتائج نفسها تقريباً، ومنها كان قبل 6 سنوات، وبينت أن أغلب حوادث ومخالفات السير وقعت نتيجة عوامل أربعة رئيسية:
1 ــ نقص الخبرة بالقيادة.
2 ــ استخدام الهاتف النقال.
3 ــ السرعة غير العادية.
4 ــ القيادة تحت تأثير المشروبات المسكرة.
***
على ضوء هذه الحقائق، التي ربما لا تخفى على سلطات المرور، نطالب وكيل وزارة الداخلية المساعد، اللواء جمال الصايغ، التشديد في تطبيق مخالفات استخدام الهاتف أثناء القيادة، والاستعانة بكاميرات المرور التي تصور مثل هذه المخالفات بدقة عالية.
كما على وسائل الإعلام الحكومية نشر الوعي، والتحذير من استخدام الهاتف أثناء قيادة المركبة، وفي محطات تعبئة الوقود، ووضع ملصقات تحذيرية في الأماكن العامة. كما على وزارة التربية الالتفات لتدريس مثل هذه الأمور في المدارس بدلاً من التعدي، أو «السلبطة» على مهام وزارة الأوقاف، المتعلقة بعقد الدورات الدينية! ومؤسف ملاحظة أن قضايا المرور البالغة الأهمية، وحتى سرقات المال العام، لا تجد بذرة اهتمام من قوى الأحزاب الدينية! ولو كان تناول المشروبات هو السبب الأول وراء وقوع حوادث المرور، لامتلأت الشوارع بإعلاناتهم ولافتاتهم وصراخ إذاعاتهم بخطورة تناول المسكرات، ولا يعني ذلك أننا نقلل من خطورة قيادة أية آلة تحت تأثير المشروبات أو المؤثرات العقلية، فخطورتها مؤكدة، ولكن فقط لنبين ازدواجية المعايير ونفاق الأحزاب الدينية المسيسة.