إطلاق “مرصد سياسات الأرض”: نحو عدالة عمرانية وبيئية

النشرة الدولية –

المدن – بتول يزبك –

بحضور عدد من الفعاليات المدنيّة والبيئية والإعلاميّة والنيابيّة، أطلق “استديو أشغال عامة” (وهو مؤسسة للأبحاث تُعنى بقضايا العمران والعدالة المكانية في لبنان، فضلاً عن الحقوق البيئية والسكنية والتنمويّة)، عصر أمس الثلاثاء 30 أيّار الجاري “مرصد سياسات الأرض”. وهذا المرصد هو منصة إلكترونيّة يديرها الأستديو، تهدف بصورة عامة لإنتاج وإتاحة المعرفة النقديّة حول قضايا الأرض في لبنان، بغيّة تعزيز التنمية العادلة والمساواة في إطار صناعة السّياسّة، عبر رصد المواضيع من منظور “العدالة المكانيّة”، ومراقبة المؤسسات المعنيّة بالشؤون العمرانيّة (أهمها المديريّة العامة للتنظيم المُدني). ذلك بالشراكة مع “المفكرة القانونية” ومبادرة “غربال”.

مرصد سياسات الأرض

واستهل مؤتمر الإطلاق الذي أُقيم في متحف “بيت بيروت” في محلة السوديكو، في مقدمته على مدخلٍ تعريفيّ بالمرصد وأهدافه والمنهجيات المُعتمدة في الرصد والتوثيق وآليات نشر المعرفة والدعم. التّي تنطوي ضمنًا كما أشارت المديرية التنفيذية ومسؤولة الأبحاث في “استديو أشغال عامة” عبير سقسوق على دعم العاملات والعاملين في هذا السّياق من باحثات\ين، وسكان، وهيئات مدنية، ومجموعات معنيّة، من أجل ضمان إتاحة المعلومات ذات الصلّة وتغذية النقاش العام، عبر رصد المخططات والقوانين والمراسيم، والتعليق عليها، والسّعي لمواجهة السّلبية منها. مشيرةً لالتزامهم وتأكيدهم على ألا يمرّ “أي تدخّلٍ مكاني دون توثيق أو اعتراض، ولسدّ الفجوة على صعيد الإقصاء الذي يستهدف الفئات المتأثرّة بالسياسات المتبّعة في إدارة الأراضي وتنظيمها”.

ومن ثمّ تم طرح تقرير أعدّه المرصد حول قوانين المجلس النيابي واقتراحاته من عام 2019 وصولاً لل 2022 تحت عنوان “أعمال المجلس النيابي من منظور العدالة المكانيّة” ويختصّ التقرير بتقييم نتائج أعمال المجلس النيابيّ والتّي تتصل بالشؤون العمرانيّة، في آخر أربعة سنوات، باعتبارها الأصعب في تاريخ لبنان الحديث، معطوفة على أعتى أشكال الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والحراك السّياسيّ، الذي تخلله تفجير المرفأ. كما أشار التقرير إلى أنّ غالبية القوانين والاقتراحات التي تم رصدها لا ترتكز على أي خطة إصلاحية تتطرّق للأزمات التي يمر بها لبنان، لا سيّما أزمة السكن. “وتستخدم المَظالم التي طالت الناس منذ بداية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية عام 2019 لتبرير التدمير المستمرّ للأرض والبيئة”.

ولفت التقرير للعدد الإجمالي للقوانين المرصودة، بما فيها اقتراحات القوانين ومشاريع القوانين، بشأن القضايا العمرانية بين العام 2019 و2022، 107 قوانين. وقد توّزعت القوانين المرصودة بحسب السنوات بين 28 قانوناً في العام 2019، 31 قانوناً في العام 2020، 15 قانوناً في العام 2021 و33 قانوناً عام 2022. وقد تمّ إقرار 32 قانوناً من بينها. تشكلّ القوانين المتعلّقة بالقضايا العمرانية التي تمّ إقرارها نسبة 17.11% من مجمل القوانين الصادرة بين عامي 2019 و2022. ومن ضمن القوانين التي لم يتمّ إقرارها، نجد 68 اقتراح قانون (مقدّم من نواب أو كتل نيابية) و6 مشاريع قوانين (مقدّمة من الحكومة). معرجًا على تراكم اللامساواة في السنوات الأربع الأخيرة.

ويتضمن تحليلاً نوعيًّا لهذه القوانين على مستوى إدارة الأراضي والتنظيم المديني، السكن، الموارد الطبيعية، الأملاك العامة، قطاع البناء، البنى التحتية، وأخيراً إعادة الإعمار بعد تفجير 4 آب. وتبعه عرض لتقرير حول قرارات المجلس الأعلى للتنظيم المدني بين عامي 2019 و2022 عُنون بـ” مجلس الاستثناءات”. وتلاها “طاولة مستديرة” ناقش فيها الحضور قضايا عن عدد من المناطق اللبنانية، وحوار دار عن سُبل “المواجهة والتحرك”.

أهداف المرصد

ولفت الأستديو لمتابعته حملات وتحركات لوقف مشاريع عقارية وافقت السلطة عليها، بداية من الأصوات المناهضة لمشروع سوليدير في التسعينيات، إلى المواجهات ضد إنشاء سدّ بسري في الـ2020، مروراً بدالية الروشة والإيدن باي في الرملة البيضاء وأوتوستراد فؤاد بطرس في الرميل والبناء فوق ملّاحات أنفة، وتدمير مرفأ الصيادين في عدلون وغيرها. وعليه تنبثق الضرورة لإثارة ضجّة بشأن أعمال بناء مستقبليّة والاعتراض عليها ومحاولات منعها، على “اعتبار أن جميع المعنيّات\ين – من محتجّين وسكّانٍ وسياسيّين ومطوّرين عقاريّين – يُدركون جيداً ما هو على المحك في هذه القضايا”.

وفيما يتشارك استديو أشغال عامة في عملية الرصد، بما يتعلق بالقوانين المطروحة ومقرّرات المجلس النيابي مع المفكرة القانونية؛ وبما يتعلّق بالجريدة الرسمية من قوانين ومراسيم وبما يتعلّق بأي طلب رسمي لمقررات مؤسسات الدولة من خلال مبادرة غربال، فإن أهداف المرصد كما أشار الأستديو هي ما يلي : “التعرّف على الجوانب المختلفة لغياب التنمية المتكاملة في المناطق ولتهميشها، والتوزيع غير المتساوي للموارد فيما بينها، ومعرفة مؤسّسات الدولة المُمسكة بقضايا الأرض وكيفية اتخاذ القرارات فيها، لتشكّل ركيزةً تشاركيةً في السّعي نحو السياسات العادلة؛ الرصد الدّوري لكافة المخططات والتصاميم والمشاريع، ونشر المعلومات والنتائج والأدوات ذات الصّلة؛ وتطوير مؤشرٍ للتخطيط العادل والدامج؛ تأريخ حكايا المناطق وسردها من منطلق إدارة الأراضي فيها؛ تطوير استراتيجيات قضايا الأرض وتجلّياتها في المناطق وتنفيذ أطرٍ تنظيميةٍ لها.

ومن مهام المرصد، الرصد المستمر للأمور المتعلقة بالأرض والعمران والحقوق المكانية عبر صفحات البلديات ومجلس الإنماء والإعمار والحكومة والأخبار المنشورة المتعلقة بقرارات البلديات، الحكومة، المجالس، والهيئات، وغيرها. كما نقوم بزيارات دورية لبعض المؤسسات، أبرزها المديرية العامة للتنظيم المدني لرصد التصاميم التوجيهية والخرائط المتعلقة. والمعلومات المرصودة يتمّ جدولتها وتُصنّف ليتمّ مشاركتها من خلال المرصد فتصبح في متناول الجميع. مع تقديم قراءة نقدية للقوانين أو المقرّرات أو المراسيم البارزة، بالإضافة إلى مواد بحثية متعلقة بها، كخرائط وجداول زمنية تحلّل المعلومات وتربطها ببعضها البعض وتجعلها متاحةً للناس لاستخدامها في عملية الضغط والتوعية. كما وسيتم التشبيك مع الجمعيات، التنظيمات والناشطين/ات في المناطق لمشاركة ما يهمهن\م ويحثهن\م على العمل سوياً والتضامن والضغط في سبيل إيقاف الضرر، تعديله أو تصويبه.

واستنادًا للمعلومات والتحليلات التّي تمّ جمعها، سيعمل المرصد على إنتاج تقارير دوريّة وسنويّة توثّق كيفية انتهاك السلطات اللبنانية لحقوق الأرض، وتوصّف هذا الانتهاك ومداه، ويتم رفع التقارير إلى الجهات المعنيّة المحلية والدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى