مع دخول الحرب شهرها الرابع… خيار بوتين الصعب في أوكرانيا
النشرة الدولية –
مع دخول الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا شهرها الرابع، بات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في “موقف لا يحسد عليه” فهو لديه الموارد لإلحاق الضرر الجسيم بأوكرانيا من خلال حرب شاملة، إلا أن هذا الخيار ينطوي على مخاطر هائلة، وفق تقرير لـ”فورين أفيرز“.
ويشير التقرير إلى أن الخسائر الهائلة التي تكبدتها روسيا في المرحلة الأولى من الحرب والمقاومة الشديدة للجيش الأوكراني، جعلتا روسيا غير قادرة على تحقيق إنجاز حقيقي في ساحات المعارك، دون تكلفة بشرية كبيرة.
وبات أمام بوتين خيار التعبئة العامة، لكنه غير قادر على إقناع الرأي العام بفكرة شن حرب شاملة، بعد أن تحدث عن “عملية عسكرية خاصة”.
والتعبئة الكاملة قد تحدث ثورة في النظام الذي بناه بوتين منذ وصوله إلى السلطة في عام 2000، وهو عدم تدخل الروس في السياسة، مقابل الاستقرار والازدهار النسبي وفرص تحقيق الذات والإثراء.
ويوضح التقرير أنه عندما تدخل بوتين في أوكرانيا عام 2014 لم يحدث تغيير جذري في السياسة الروسية، أما الآن لم يعد ذلك “خيارا”.
وبعد 2014 “انحرفت السياسة الخارجية عن الوعي العام في روسيا” وقاتلت القوات الروسية إلى جانب الرئيس السوري، بشار الأسد، لكن حرب سوريا كانت بعيدة ولم تسفر عن خسائر روسية واسعة النطاق.
وفي 2020 ظهر المعارض أليكسي نافالني، الذي رغم أنه لم يكن يمثل تهديدا لسلطة بوتين، كان يمثل ثقلا موازنا لشعبيته، وهو ما كان مسألة هامة للكرملين الذي يعتبر أن مكانة بوتين وشعبيته “هما أساس الاستقرار السياسي”.
ثم جاء قرار الحرب في فبراير من عام 2022 لـ”يحطم” أوهام الاستقرار الذي شعر به الروس، بالنظر إلى حجم العملية العسكرية والقطيعة غير المسبوقة مع الغرب وما تضمنته من عقوبات وقيود على السفر وإغلاق المؤسسات الغربية.
ويقول التقرير إنه إذا قرر بوتين التعبئة العامة، ستتغير “الصفقة المبرمة” مع الروس وقد يتزعزع استقرار نظامه، بعد أن تراجعت شعبيته منذ عام 2011 إثر عودته للرئاسة وتزوير الانتخابات البرلمانية والإجراءات القمعية التي تلت ذلك.
وقد تشعر واشنطن بالرغبة في تشجيع الروس على الانقلاب على بوتين، ورغم أن تأثير واشنطن على الرأي العام في الداخل قد لا يكون كبيرا، فقد تستطيع على الأقل تجنب الأخطاء المكلفة.
وخلال الأشهر المقبلة، سيواجه بوتين “خيارا عقابيا”، هو إما التهدئة ومحاولة إصلاح العلاقات مع الغرب، أو شن حرب واسعة النطاق على أوكرانيا تعمق أكثر الخلافات مع أوروبا والولايات المتحدة.
وتعني التعبئة الشاملة استدعاء جنود الاحتياط وتوجيه المجتمع الروسي بالكامل نحو الحرب، وهو ما قد يتضمن الهجوم مرة أخرى على كييف، أو شن حملة لتقسيم البلاد إلى نصفين شرقي وغربي، أو تحويل أوكرانيا إلى دولة فاشلة وتدمير بنيتها التحتية ومدنها واقتصادها بالكامل.
وهذا السيناريو يحتم على بوتين إيجاد المبررات الوطنية وتصوير المواجهة على حرب ضد الغرب مع ربط أوكرانيا بالعدو.
لكن هذا الخيار الصعب يحوي على “مخاطر سياسية هائلة” فبعد أن أسس نظامه على فك ارتباط الجمهور بالسياسة والسياسة الخارجية، “سيكون من الخطورة إلى أقصى حد” الإعلان عن حرب يخوضها الشعب الروسي بدلا من الحديث عن مجرد “عملية عسكرية خاصة”.
وستعني التعبئة التحول من “العملية العسكرية الخاصة” إلى “حرب شعبية” وإنهاء فكرة يتبناها العديد من الروس وهي أن الحرب بعيدة عنهم.
وستتطلب التعبئة أهدافا واضحة للحرب، وحتى الآن تبدو هذه الأهداف “غامضة ومتغيرة”.
كما أن التعبئة الجماهيرية ليست بالضرورة عملية محكومة، فقد تقوي الفصائل الأكثر تشددا وتؤجج المشاعر القومية بطرق لا يمكن التنبؤ بها، خاصة إذا لم تسر الحرب بشكل جيد للروس.
وإذا فشل الكرملين في هذه المهمة، فقد تميل الولايات المتحدة إلى الاستفادة من الوضع، وقد تحدث بعض المسؤولين الأميركيين عن “تسريع عملية التفكك العسكري الشامل لروسيا”.
وكان وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الذي عادة ما يوصف بأنه رجل هادئ قد صرح في أبريل الماضي قائلا: “نريد أن نرى روسيا تضعف إلى درجة أنها لا تستطيع القيام بالأشياء التي فعلتها خلال غزو أوكرانيا”.
وأضاف أن روسيا “فقدت بالفعل الكثير من قدراتها العسكرية، والكثير من قواتها، بصراحة. نريد أن نراهم عاجزين عن إعادة بناء تلك القدرات بسرعة”.
وقالت فرانس برس في تقرير سابق إن هدف إرسال الغرب أعدادا كبيرة من الأسلحة إلى أوكرانيا هو إضعاف القوات الروسية، ليس فقط على أرض المعركة الحالية ولكن أيضا على المدى الطويل.