قيس سعيد يعزل 57 قاضياً تونسياً لتورطهم بتعطيل اكثر من 6 آلاف قضية إرهابية وفساد المالي
النشرة الدولية –
عزل الرئيس التونسي قيس سعيد مساء الأربعاء 57 قاضيا اتهمهم بالفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب، بحسب مرسوم نشرته الجريدة الرسمية، وذلك في خطوة حاسمة لتطهير الجهاز القضائي.
ونشرت الجريدة الرسمية الأمر الرّئاسي عدد 516 ومتعلق بإعفاء قضاة من مهامهم.
ويأتي قرار قيس سعيّد بعد انتقادات شديدة وجهها إلى القضاء خاصة أن هناك العديد من الملفات الحساسة التي لا تزال حبيسة رفوف المحاكم في تونس منذ سنوات.
وكان الرئيس التونسي تحدث مرارا عن ضرورة “تطهير” القضاء، وهو مطلب رفعه أيضا العديد من القضاة لمقاومة الفساد ومحاسبة القضاة المتورطين مع أحزاب سياسية.
وفي 12 فبراير الماضي، وقّع قيس سعيد مرسوما بإنشاء المجلس الأعلى المؤقت للقضاء محل المجلس الأعلى للقضاء الذي اتهمه بعدم الاستقلالية وإطالة فترة التقاضي في قضايا، ما أثار احتجاجات ورفضا من هيئات قضائية وقوى سياسية.
وضمت القائمة التي أعفاها سعيد أسماء قضاة تولوا يتولون مراكز قيادية في الجهاز، من بينهم يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل والبشير العكرمي وهو قاضي يتهمه نشطاء سياسيون بأنه أخفى ملفات قضايا إرهابية وارتكاب إخلالات قانونية في ملف الاغتيالات السياسية وبأنه على علاقة وطيدة بحركة النهضة الإسلامية.
وإلى جانب العكرمي، تضمنّت القائمة كذلك الرئيس الأول لمحكمة التعقيب بتونس الطيب راشد، وعميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس عماد الجمني.
وقبل إصدار المرسوم الرئاسي، قال الرئيس التونسي خلال إشرافه الأربعاء على مجلس الوزراء “الواجب المقدس يدفعنا لاتخاذ هذا القرار التاريخي حفاظا على السلم الاجتماعي وعلى الدولة”
وجّه سعيد، اتهامات خطيرة لعدد من القضاة التونسيين، بالضلوع بفساد مالي، وتزوير أوراق رسمية، والتستّر على مورّطين في الإرهاب، وحماية مسؤولين سياسيين وحزبيين من المحاسبة.
وأشار إلى أن “هناك امتناعا عن فتح قضايا جزائية ذات صبغة إرهابية يصل عددها إلى 6268، والسعي لحماية ذات الشبهة في ملفات إرهابية وكذلك في قضايا تتعلق بالجهاز السري” المتهمة فيه قيادات حركة النهضة، على رأسها راشد الغنوشي.
ويرتبط “الجهاز السري” باختراق مؤسسات الدولة، وخاصة الوزارات السيادية، فضلا عن الاتهامات الموجّهة إليه بالوقوف وراء اغتيال المعارضين بلعيد وبراهمي في 2013، وفق ما تقول هيئة الدفاع عنهما، في وقت تنفي حركة النهضة امتلاكها جهازا سريا وأيّ صلة لها بالاغتيالات السياسية.
وشدّد الرئيس التونسي على أن الوضع لا يجب أن يستمر إلى ما لا نهاية، مشيرا إلى أن مرسوما سيتمّ نشره قريبا فيه كشف بأسماء القضاة المورطين في الفساد، بعد أسابيع من النظر في كل الملفات والتدقيق حتى لا يظلم أحد، مضيفا أنّ “مسؤوليته أمام الشعب تحتّم عليه اتخاذ هذا القرار”، مجدّدا التأكيد على أن “لا نيّة له للتدخّل في عمل القضاء”.
وقال سعيّد “لقد أُعطيت الفرصة تلو الفرصة والتحذير تلو التحذير حتى يطهّر القضاء نفسه”، مؤكدّا على أنّه “لا يمكن أن نطهّر البلاد من الفساد وتجاوز القانون إلا بتطهير كامل للقضاء”، مشيرا إلى وجود تأخر وتأخير متعمّد لفتح كل الملفات رغم أنّها جاهزة.
وأعلن كذلك عن مشروع تقرّر اتخاذه يتعلق بتنقيح المرسوم المتصل بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء، ومشروع آخر يتعلق بتنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء استعدادا لتاريخ 25 يوليو المقبل المتعلق بوضع دستور لجمهورية جديدة.
وقال مرسوم صدر في الجريدة الرسمية إن “للرئيس في صورة التأكد أو المساس بالأمن العام أو بالمصلحة العليا للبلاد، وبناء على تقرير معلل من الجهات المخولة إصدار أمر رئاسي يقضي بإعفاء كل قاض تعلق به ما من شأنه أن يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته أو حسن سيره”.
وأضاف “تُثار الدعوى العمومية ضد كل قاض يتم إعفاؤه على معنى هذا الفصل”.
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلنت هيئة الدفاع عن السياسيين التونسيين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أنه “تم توجيه الاتهام رسميًا إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في جرائم تتعلق بالاعتداء على أمن الدولة”.
وقالت عضو الهيئة إيمان قزارة، خلال مؤتمر صحافي نظمته هيئة الدفاع، إنه “بعد معركة كبرى خضناها طيلة أكثر من 3 سنوات ونصف السنة، ودافعنا خلالها عن حق التقاضي، تمكنا من توجيه تهمة للغنوشي بارتكاب جرائم تمس أمن الدولة، لا سيما بعد أن كانت الجهة المقابلة طرفًا سياسيًا تحمي الغنوشي، وتغالط التونسيين منذ سنوات”.