لبنان يستدعي سفيره المتهم بالاغتصاب في فرنسا وغموض حول محاكمته
عدوان فلت من القضاء الفرنسي ومحاميه ينفي ادعاءات موظفتين سابقتين بالسفارة ويؤكد إقامة موكله علاقات غرامية معهما
النشرة الدولية –
اندبندنت عربية –
يبدو أن الدبلوماسية اللبنانية تواجه مأزقاً أخلاقياً بطله سفيرها لدى فرنسا رامي عدوان، إذ قررت الخميس استدعاءه بعد أن توجه الأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي ومدير التفتيش السفير هادي هاشم إلى باريس أول من أمس الثلاثاء، على خلفية تحقيق قضائي فرنسي في حق عدوان نشر تفاصيله موقع “ميديابارت” الاستقصائي الأسبوع الماضي، ومبني على شكويين تقدمت بهما موظفتان كانتا تعملان في السفارة وتتهمانه بجرائم “اغتصاب” و”عنف” جسدي ولفظي ضدهما ما بين أعوام 2018 و2022، وهو ما نفاه عدوان لكنه اعترف بإقامته علاقات حميمة مع الموظفتين.
وكان عدوان ورداً على أسئلة “ميديابارت” نفى التهم الموجهة إليه، وأكد محاميه كريم بيلوني أن موكله “ينفي كل اتهام بالاعتداء من أي نوع كان، سواء لفظياً أو أخلاقياً أو جنسياً”. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن موكله “أقام مع هاتين المرأتين بين عامي 2018 و2022 علاقات غرامية تخللتها خلافات وحالات انفصال”. وبدورها رفضت النيابة العامة في باريس الإفصاح عما تعتزمه من إجراءات، خصوصاً أن عدوان يتمتع بالحصانة الدبلوماسية، وقالت إنه “يتعذر عليها الإجابة في الوقت الراهن”.
لبنان يستدعي عدوان
وكان الوفد الدبلوماسي الذي تلقى توجيهات وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب استمع إلى إفادات موظفي السفارة من دبلوماسيين وإداريين، وأجرى مقابلات مع جهات رسمية فرنسية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزارة الخارجية في باريس ضرورة رفع السلطات اللبنانية الحصانة عن عدوان تسهيلاً لعمل القضاء الفرنسي، موضحة أنه ليس لديها أي عناصر تتعلق بهذه القضية التي يتولى القضاء التحقيق فيها وما يشمله من سرية.
طلب الخارجية الفرنسية رفع الحصانة عن عدوان جاء من خلال الإعلام، من دون تقديم أي طلب رسمي إلى نظيرتها اللبنانية وفق الأصول الدبلوماسية، بحسب الإعلام اللبناني، بالتالي “لا يمكن للخارجية اللبنانية التعليق على أمر لم تتبع فيه الإجراءات الدبلوماسية الرسمية كإيفاد السفيرة الفرنسية إلى الوزارة أو إرسال طلب رسمي”، لكنه وبتاريخ الخميس استدعى لبنان السفير رامي عدوان وفق ما أعلنته وزارة الخارجية والمغتربين.
وأوردت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان أنه “متابعة للملابسات المحيطة بقضية سفير لبنان لدى فرنسا، وفي ضوء انتقال لجنة التحقيق الموفدة من وزارة الخارجية والمغتربين إلى السفارة في باريس، تقرر استدعاء السفير رامي عدوان إلى الإدارة المركزية”، وأعلنت الوزارة أنها أبلغت الخارجية الفرنسية “بتولي المستشار زياد طعان رئاسة البعثة بصفة قائم بالأعمال”.
وكانت الخارجية الفرنسية فتحت تحقيقاً بشبهة اغتصاب وممارسات عنيفة ارتكبها عدوان الذي يشغل منصبه منذ عام 2017، وباستدعائه إلى بيروت يصبح من الصعب أن يمثل أمام القضاء في باريس، إذ إن لبنان لا يسلم مواطنيه إلى دول أجنبية لمحاكمتهم. وجاء استدعاء عدوان على رغم طلب باريس من السلطات اللبنانية رفع الحصانة عنه “من أجل تسهيل عمل القضاء الفرنسي”، وفقاً لما قالته الخارجية الفرنسية الأسبوع الماضي.
التنازل عن الحصانة
ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن وزارة الخارجية الفرنسية أنها “سترسل طلباً إلى نظيرتها اللبنانية تبلغها فيه بضرورة رفع الحصانة عن السفير عدوان، لملاحقته بالتهم الموجهة إليه. وإذا لم تلب الطلب الفرنسي، ستتوجه حينها باريس بطلب سحب السفير من منصبه”.
بدورها نقلت صحيفة “النهار” اللبنانية عن مصدر فرنسي حول قضية عدوان أن قرار الخارجية اللبنانية إرسال لجنة تحقيق خطوة إيجابية، لكنها لا تسمح للقاضي الفرنسي أن يستمع إليه وإذا لم يحصل ذلك سيعتبر persona non grata أي شخص غير مرغوب أو مرحب به. وعندها وبحسب المادة التاسعة من “اتفاقية فيينا” 1961 يحق لفرنسا أن تطلب منه مغادرة أراضيها خلال مهلة 24 ساعة للعودة للبنان، وبحسب نص المادة “على الدولة المعتمد لديها في أي وقت ومن دون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسي أصبح شخصاً غير مقبول، أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين) أصبح غير مرغوب فيه، وعلى الدولة المعتمدة أن تستدعي الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة وفقاً للظروف”.
كما تنص المادة 29 على أن “حرمة شخص المبعوث الدبلوماسي مصونة، ولا يجوز إخضاعه لأية صورة من صور القبض أو الاعتقال، ويجب على الدولة المعتمد لديها معاملته بالاحترام اللائق واتخاذ جميع التدابير المناسبة لمنع أي اعتداء على شخصه أو حريته أو كرامته”. أي إن الحق في ملاحقة السفير ومحاكمته يعود لدولته وليس للدولة الموفد إليها، وفقاً لقانونيين.
وتنص المادتان 31 و32 على أن “يتمتع الممثل الدبلوماسي بالحصانة القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لديها، ويتمتع أيضاً بالحصانة القضائية المدنية والإدارية، ولا يجوز إجباره على الإدلاء بالشهادة”، كما أن “عدم خضوع الممثل الدبلوماسي لاختصاص قضاء الدولة المعتمد لديها لا يعفيه من الخضوع لقضاء الدولة المعتمدة، وللأخيرة أن تتنازل عن الحصانة القضائية لممثليها الدبلوماسيين بمقتضى المادة 37، لكن يجب أن يكون التنازل صريحاً”.