التضخم الاقتصادي والقادم أصعب
بقلم: الدكتور ايهاب العابودي
النشرة الدولية –
الدستور الأردنية –
ما كدنا أن نخرج من أزمة كورونا التي رمت بكاهلها على الاقتصاد العالمي، وأجبرتنا على ركود اقتصادي لم نكن نحتمله، إلا وعصفت بنا الأزمة الروسية الأوكرانية التي أدت للتضخم وغلاء الأسعار ونقص بالمواد سيفضي لشحها إذا ما استمرت هذه الأزمة.
هذا التضخم و الغلاء، الذي نستيقظ على وقعه صباح ومساء كل يوم، على المستوى العالمي، الذي نحن جزء منه، فقد أنهك كاهل المواطن الذي هو بغالبيته وضعه الاقتصادي مترنح من قبل ذلك. هذه الظروف تحتاج لإجراءات وقرارات حكومية ووعي شعبي أكبر.
نعلم بأنه ليس للحكومة حيلة أمام غلاء المواد الاستهلاكية الأساسية والمواد التشغيلية من مصدرها، وكذلك تضاعف أجور النقل والشحن. مع الإشادة والشكر لمجهوداتها بمحاربة طمع وشجع تجار واستغلالهم لهذه الأزمات، ولكن الضغط على التاجر بعدم رفع الأسعار، وقد تكبد غلاء شرائها من مصدرها وشحنها، فيه من الإجحاف، الذي سيؤدي حتماً لخسارتهم المؤكدة، ومن بعدها افلاسهم، وبالنهاية سيعود الضرر على المواطن كبطالة و قلة بالمواد التي ستزيد من ثمن السلعة.
وفيما يتعلق بقرار رفع سعر الفائدة الذي اتخذه البنك المركزي بناءً على قرار المجلس الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بحكم ربط الدينار بالدولار، حالنا حال اي دولة أخرى لديها نفس الربط، فسيؤدي لتفاقم الأزمة وزيادتها. لأن هذا الإجراء يتخذ عادة عند وجود تضخم ناتج عن زيادة الطلب، ولتقليل عمليات الإقتراض، التي ستؤدي لتقليل السيولة، وكبح جماح التضخم. ولا نعلم حيثيات اتخاذ مثل هذا القرار من قبل المجلس الإحتياطي الفيدرالي.
أما التضخم الذي نعاصره حالياً هو ليس نتاج زيادة السيولة والطلب، بل بسبب أزمة بسلاسل التوريد و الإمداد. فمثل هذا الإجراء لن يعالج المشكلة بل يفاقمها. وخصوصاً بأنه لدينا قرارات الزيادة تشمل حتى القروض القديمة.
فما بيد الحكومة لتقليل الضرر الناتج عن هذه الأزمات، إلا إتخاذ إجراءات تكفل تقليل الضرر. قرارات منها الفوري، وأخرى متوسطة و طويلة المدى.
بالنسبة للإجراءات الفورية، فتكمن بتقليل الضرائب والرسوم، و إلغاء الضريبة الثابتة على المحروقات، لتحريك الإقتصاد والتشجيع والتسهيل من عمليات المتاجرة، على غرار ما تم إنجازه بالجمارك.
هذا التخفيف سيزيد من عمليات البيع والشراء وسيزيد من الإيرادات الضريبية التي لو بقيت على حالها ستقل كثيراً بسبب تدني المبيعات تدريجياً، وعلى مبدأ قليل دائم خير من كثير منقطع.
وبخصوص الإجراءات طويلة المدى، يتوجب عليها البدء وفوراً بالتخطيط ومن ثم التنفيذ بإقامة المشاريع التي تنتج لنا معظم المواد الأساسية التي نستوردها، للخروج من عباءة الإستيراد، والتحكم الخارجي بالأسعار، ولنأكل ونلبس مما نزرع ونصنع.
وبخصوص الإجراءات الشعبية التي على المواطن أيضاً البدء فوراً بإتخاذها، هي التقشف والصرف فقط للحاجة، والتقليل من الكماليات والمجاملات لحد العدم، وتوفير ما يستطيع توفيره إن تمكن. فالتضخم ضرب العالم بأسره وعلينا التأقلم والتعايش مع هذا الأسلوب من الحياة. فالقادم ربما أصعب!