بُرْدِيَ الشَّفّاف
النشرة الدولية – زينة جرادي –
بُرْدِيَ الشَّفّاف
بِنْتَ وبِنْتُ
حتى لاحَ طيْفٌ من بَعيد
اجتاحَني بشَعرِهِ الفِضيّ
احتلَّني كما عيونُكَ فَتَنَتْني
فتذكرتُ كيفَ اندثرَتْ ناري تحتَ الرماد
وتَعَتّقَ دمعيَ خمرًا في قعرِ كأسْ
دثِّرني بالشوقِ قبلَ أن تَشيخَ المُهَجْ
جرِّدني من وجعِ السنين
يا جنَّتي وتِرياقي
حَبَبْتُكَ مَرَّةً وبعدها لم تُغادِرْني
عالقَةٌ أنا بينَ أنفاسِكَ ووهجِ الذكريات
يُلازِمُني خيالُكَ كمِشكاةِ نورٍ تجمَعُ تفاصيلَكَ
فأنت العشقُ كُلُّهُ وبدونِكَ لا تكتمِلُ الحياة
حينَ تَنْفَرِدُ ستائِرُ اللّيلِ
ترنو إليَّ بِطَرْفِكَ الأَكْحَلْ
تَخلَعُ عني بُرْدِيَ الشَّفّاف
وينكَشِفُ قَدّي
تُعَرِّيني نظراتُكَ كأوراقِ أيلول
ونُفْطِرُ عن صمتِنا بصمت…
قلبي تركتُهُ معَكَ ذاكَ الصباح
ما زِلتَ معي بغيابِك تملَؤُني هَذَيانًا
أمُر ُّ على ذِكراكَ حينَ يَجِنُّ اللّيلُ
فَيَنْهَلُ من آلائِكَ فؤاديَ المَشْدوهْ
اِمسَحْ عن وجهيَ الهوى كَيْما أَتوب
تَوِّجْني بباقَةِ شمسٍ قبلَ هُبوبِ العاصفة
على حَبابِ الماءِ مَشَيْنا
كُن كمطرٍ حيثُ وَقَعَ نَفَعْ…
جُرحي أعمقُ من قَعْرِ مُحيط
حياتي تَلْهَثُ عَطْشى كقطرَةٍ تَبَخَّرَتْ في عِزِّ قَيْظْ
يرويها عَبَقُ مشاعرِك
ها حبيبي
هلِ اسْتَكانَ مَوْجُكَ بعدَ ابتِلاعي وتَكَشَّفَ خِدْرُ هواك!
هلِ انتهى زمنُ الرُّؤَى
وساحَتِ الجبالُ مُوَدِّعَةً شمسًا تَرْتَقِبُ ليلًا خلفَها!
تَرَكْتَ فراغًا امتلأَ يومَ تَدَلَّتِ النجومُ مشنوقَةً من سَماء
يا سَميري
أهْرَقْتُ ماءَ القلبِ بينَ يديْك
لكنَّكَ أوْصَدْتَ كُلَّ الأبوابْ
سأُشْبِهُ نَفسي
سأُقايِضُ الصَّبْرَ
وأُراقِصُ قلبي كريشَةٍ في مَهَبِّ الريح
هل عانقَ الوَجَنُ روحَكَ فارتديتَ الضَّياع!
لَوَّحَ ليَ الضَّبابُ من بينِ رمادِ الصُّوَرْ
جَرَّحَتْ مفاصِلُ الأحلامِ حنيني
حاولتُ أن أسبِقَ الأقدارَ لأمنَعَكَ منَ الرَّحيل
أن أُشَيِّدَ جُسورَ اللِّقاء
لا الرِّحلَةُ انطَلَقَتْ ولا دربُنا انتهى