الحق المُباح ..!!
بقلم: صال الراشد

النشرة الدولية –

يظن البعض بأنني سأتحدث عن الحق المُباح في النكاح، وهو ما يشغل الفكر الذكوري العربي ويهدد استقرار الأنثى في بيتها، وربما عن الحق المُباح في محاربة الفساد وحرية الرأي والديموقراطية والعمل والعلاج والتعليم، وقد يذهب البعض بفكره إلى أن العنوان يحمل حق المواطن في الصراخ من الألم في أقبية السجون العربية أو من الآم الجوع والقهر، أما ذلك الرجل المفكر أو الذي يعتقد انه يفكر، فيظن وبعض الظن إثم بأن العنوان يناقش الحق في محاربة الأعداء وتحرير فلسطين من النهر للبحر، وقد يمتد حلمه لإستعادة الأهواز العراقية التي تحتلها إيران ولواء الاسكندرونة السوري المحتل تركياً، ومليلة المغربية التي وضعت عليها اسبانيا يدها وتحتلها منذ زمن بعيد.

 

عن أي حق سأتحدث وجميع الحقوق المباحة ممنوع الإقتراب منها، حتى وصلت درجة المُحرمات وقد تصبح من الكبائر في عالم عربي لا يعرف حاضره ولا مستقبله، فالزواج من إمرأة واحدة أصبح من الأحلام في ظل الأوضاع المالية المتردية، وهذا أمر انتشر في الدول العربية جمعاء ودون إستثناء لدولة عن الأخرى، فيما محاربة الفساد كذبة كبرى وافتراء عظيم مقتبس من علم العلاقات العامة، حيث يؤكد هذا العلم بأنه ليس من المهم أن تفعل الخير بل المهم أن يعلم الناس أنك تعمل الخير، وفي حالة الفساد نجد أن هذه المقولة اصبحت، ” ليس المهم أن نحارب الفساد لكم المهم أن يعلم الشعب أننا نُحارب الفساد”، فيما نجد أن حرية الرأي مجرد وهم يراود خيال المفكرين الباحثين عن المدينة الفاضلة، وهي رعب في وجه الحكومات والسلطة التشريعية والفاسدين، لنجد أن الجميع يحارب هذه الحرية حتى اختفت.

 

وخاب ظن من اعتقد واهماً بأن الحق المباح بالتفكير والعمل على استعادة الأراضي المنهوبة، لأننا وبعد أن تم نهب أراضينا نُهِبَ منا فكرنا، وتم تزوير تاريخنا وصنعوا لنا حاضر لا يتناسب مع قيمنا ومستقبل ترفضه معتقداتنا، لنجد انه يجب أن نتحرر من داخلنا قبل البحث عن حرية الأرض، كون تحرير الإنسان هو البداية الحقيقية لتحرير الأوطان ثم الأراضي المسلوبة والمنهوبة، وهذا أمر يحتاج لسنوات كون من تحرروا من داخلهم أعداد محدودة يذودون عن بلاد شاسعة تضيع فيها المباديء والقيم.

 

أعتذر منك، لقد ذهبت في إتجاه بعيد من الأحلام والواقع، فأنا لم أعني حتماً جميع ما ذكت سابقاً، بل قصدت بالحق المُباح الذي يؤرقني ظهور جيش من السياسيين الغربيين على قنواتنا العربية، وهم يتحدثون بكل صفاقة عن بلادنا ويخططون لحاضرنا ومستقبلنا، كما يخططون لمشاريعهم الخاصة ولمزارعهم، لأعتقد لوهلة بأننا مجرد ممتلكات خاصة بهم وان إعلامنا ناطق بإسمهم، وحتى أن حكوماتنا لا تملك قرارها وأنها مجرد متلقى لأوامر الغرب، فهم يتدخلون دون دعوة في قضايانا السياسية والإقتصادية والثقافية، والغريب والمُريب في الأمر أن حكوماتنا المترامية من الشرق للغرب لا ترد عليهم بالرفض ولا تُجيبهم وكأنها تقول: “سمعنا وأطعنا”، فهل هذا حقٌ لهم مُباح، كما أن صمتنا مُباح.؟

Back to top button