«آرت بازل» يعيد لسوق الأعمال الفنية بريق ما قبل «كورونا»
النشرة الدولية –
أظهرت انطلاقة معرض «آرت بازل» للفن المعاصر أن سوق الأعمال الفنية في طور استعادة البريق، الذي كانت تحظى به قبل الجائحة، رغم الحرب في أوكرانيا واضطراب الأسواق، إذ يشكل التضخم عاملاً مشجعاً لهواة الجمع الأثرياء على شراء قطع تصل أسعارها إلى ملايين الدولارات.
وبعد ساعات قليلة على انطلاقة معرض «آرت بازل» للفن المعاصر، المنعقد في سويسرا، حققت صالات العرض الرئيسية مبيعات ضخمة فيه. وسجلت صالة عرض «هاوزر آند ويرث» السويسرية رقماً قياسياً جديداً، إذ باعت عنكبوتاً أنجزته النحاتة الفرنسية الأميركية لويز بورجوا بـ40 مليون دولار، وتضاعفت في المعرض كذلك عمليات البيع التي تمت بمبالغ أقل، إذ بيع عمل للرسام الأرميني أرشيل غوركي مقابل 5.5 ملايين، إضافة إلى لوحة زيتية لفرانسيس بيكابيا بـ4 ملايين، وحققت عمليات البيع في اليوم الأول رقما لامس 75 مليونا.
وباعت صالة ديفيد زفيرنر للعرض من جانبها عملا للفنان المتخصص في الفنون المرئية فليكس غونزاليز-توريس بـ12.5 مليون دولار، إضافة إلى لوحة أنجزتها الفنانة مارلين دوماس، المتحدرة من جنوب إفريقيا، مقابل 8.5 ملايين. وقال مدير صالة عرض «بايس» الأميركية مارك غليمشر إن «المعرض يحظى بطاقة حيوية، إذ يزوره عدد كبير من هواة الجمع لم نرهم منذ مدة طويلة»، وباع غليمشر لوحة زيتية للفنانة الأميركية جوان ميتشيل مقابل 16.5 مليونا، ووضع منتجات رقمية مستقبلية بصيغة «إن إف تي» تمثل أعمالا فنية للأميركي جيف كونز ستُباع الواحدة منها بمليوني دولار، ويحصل الشاري على منحوتة تمثل القمر.
وعلى غرار مبيعات اليخوت والسيارات الفارهة والساعات الفاخرة والمجوهرات، شهدت سوق الأعمال الفنية عام 2021 انتعاشا بعد الصدمة التي تلقتها جراء الجائحة عام 2020، تزامنا مع انتعاش كبير سُجّل في البورصة السنة الفائتة أدى إلى زيادة ثروات الأغنياء، وبعدما شهدت انخفاضا بنسبة 22 في المئة عام 2020، تعافت سوق الأعمال الفنية بنسبة 29 في المئة في 2021 ليبلغ حجم مبيعاتها 65.1 مليار دولار، حسبما وضحت كلير ماك أندرو، وهي معدة تقرير عن سوق الفن لـ»آرت بازل».
وتشير أندرو إلى أن ميزانيات هواة الجمع زادت كذلك بشكل كبير العام الفائت. لكن في غضون ذلك، أحدثت الحرب الأوكرانية، إضافة إلى تشديد البنوك المركزية إجراءاتها المتعلقة بمعدلات الفوائد لمواجهة التضخم، هزات كبيرة في الأسواق المالية.
وحتى الآن، لم تلاحظ شركات التأمين المتخصصة في سوق الأعمال الفنية أي تغيير في مبالغ التأمين على الأعمال منذ أن بدأت الحرب في أوكرانيا، ويرى نيكولاس كاديشه من شركة هيسكوكس أن «سوق الأعمال الفنية تنتعش بقوة»، وتدفع عودة المعارض بعدما أزيلت القيود المفروضة جراء الجائحة، هواة الجمع ليعاودوا شراء الأعمال الفنية.
ولفت كاديشه إلى «وجود عامل ثان مهم من شأنه أن يؤثر إيجاباً في سوق الأعمال الفنية ويتمثل بالتضخم»، مضيفا: «في رأيي، الفن سيمثل أكثر من ذي قبل ملاذاً آمناً في ظل التضخم الذي يسير بوتيرة متسارعة»، ويلاحظ أن الطلب على الأغراض التي تُشترى بهدف العرض ارتفع، مشيرا إلى السيارات مثلاً.
وتلاحظ شركة «أكسا إكس إل» الأمر نفسه، إذ يتوقع المسؤول عن خدمة الزبائن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا هانز لينين أن يستمر الطلب في الارتفاع إلا في حال تسجيل أي حدث كبير «من شأنه أن يؤثر على الوضع القابل للتغير بسرعة»، مضيفا: «في ظل التقلب الحاصل في البورصات، يمكن النظر إلى سوق الأعمال الفنية على أنها استثمار أكثر استقراراً، وهذا قد يجذب كذلك مستثمرين آخرين سيتجهون إلى شراء الأعمال الفنية بدلاً من التداول بالبورصة»، طالما أن المبالغ المرتفعة في المزادات تعمل على تعزيز ثقة المشتري.
وتؤدي الفترات المقلقة المحيطة بالاقتصاد إلى تفضيل شراء أعمال ذات قيمة آمنة بدلاً من تلك العائدة إلى فنانين شباب. وتقول كلير ماك أندرو إن من يفضلون تجنّب المخاطرة يسعون إلى التركيز على فنانين يعرفونهم، مضيفة: «لكن أعتقد أن هذه الفكرة قد تتغير خلال السنة الجارية»، جراء عودة المعارض التي تساهم في معاودة اكتشاف الفنانين الشباب.