الحرب الشعواء على المثليين
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

شنت وزارة التجارة حملة على «شعارات» المثليين، المتمثلة في العلم ذي الألوان الستة، وأتقدم بالشكر للوزارة على المعلومة التي لم أكن وآخرون غيري على علم بها. علما بأن الأمر لم يكن يتطلب كل هذه الهوسة والصيحة، ونشر العلم في كل الوسائل، فلم يكن الكثير يعلمون عن ألوانه أو يهمهم شكله، وبتعميم الوزارة الفاشل تم تقديم خدمة للمثليين، وإن بشكل غير مباشر.

بذكري هذا التصرف غير الذكي بالتحذير الذي صدر من أعلى المراجع في إيران قبل سنوات باستباحة دم الكاتب البريطاني، الهندي الأصل، سلمان رشدي، على روايته «آيات شيطانية»! لفتت الفتوى الملايين للرواية التي لم تكن تستحق الضجة أبدا، ولولاها لما سمع أحد باسم الرواية ولا باسم رشدي!

***

دعت الوزارة في منشورها المواطنين والمقيمين المشاركة في القبض على المجرم، وهو شعار المثليين، وإبلاغها حال رصد وجوده كعلم أو على شكل جمل تدعو إلى مخالفة الآداب العامة، أو توحي بها. وزادتنا الوزارة علما بأن ألوان الطيف العادية تحتوي على سبعة ألوان، في حين يحتوي علم «المثليين» على ستة ألوان فقط، وهذا يعني أن العلم أو الشعار أو الشكل الذي يحتوي على خمسة ألوان أو سبعة الوان غير مخالف، وبالتالي على الأمة الانشغال بعدّ ألوان أي علم أو شكل نراه، وهذا سيجعل الأمر قابلا أكثر للانتشار بسبب الفضول، وسيحول الكثيرين إلى «حسابة وعدادة ألوان»، فكلما رأوا مجموعة من ألوان الطيف في شكل علم أو على لعبة أو عبوة صابون سائل فعليهم فورا عد الألوان، فإن كانت خمسة أو سبعة فلا بأس، وإن كان العدد ستة فعليهم إطلاق صيحة «وجدتها» والاتصال برقم 1900، لكي يتم إرسال من يقوم بمصادرة تلك المواد وإتلافها! وهذه خسارة كبيرة للتاجر الذي استوردها، دون ذنب ارتكبه، وهذا ظلم فوق أنه غباء!

كما ورد في رسائل وزارة التجارة للجمهور بأن الفرق الرقابية ستصادر كل المنتجات والسلع المخالفة لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وتقاليدنا وعاداتنا وثقافتنا! ولا أدري ما علاقة وجود ستة ألوان مختلفة على عبوة صابون سائل للأطفال، بديننا الإسلامي الحنيف أو عاداتنا وتقاليدنا؟

هوس وزارة التجارة بعلم المثليين يذكرني بهوسنا عندما وقعت حرب الأيام الستة وانتصرت فيها إسرائيل علينا، حيث أصبحنا نعد زوايا أية نجمة نجدها على أي شيء!

***

نشكر وزير التجارة على بيانه التثقيفي، الذي لفت نظر الجميع فيه لعلم المثليين وخطورته، تاركا مهمة الوزارة الأساسية في مراقبة الأسعار ومنع التلاعب في جودتها، وبقية الأمور الحيوية التي تهم المواطنين. فأين هو مثلا من موجة التراخيص «التي لا معنى لها»؟ فهل يعقل أن هناك حاجة لترخيص أكثر من ثلاثين محلا في مجمع الصفاة، لخياطة ملابس النساء؟ ولا شك أن هناك العشرات غيرها في أماكن أخرى، وعلى كل محل ما بين 5 إلى 10 إقامات لا تشكل أية إضافة للاقتصاد، بل عبئا على البنية التحتية والأمن الاجتماعي والغذائي والصحي. وهناك عشرات الأنشطة المماثلة الأخرى التي لا حاجة لها غير كونها تمثل متاجرة علنية بالإقامات، واستغلالا بشعا لحاجة البشر، فما الحاجة مثلا لكل هذا العدد الهائل من ورش تصليح السيارات، التي لا يصدق العقل عددها!

واضح أن التجارة عاجزة تماما عن القيام بوظيفتها الأساسية، بعد أن هربت الكفاءة منها لجهات أخرى، فلم تجد أمامها غير الهروب من مشاكلها لعلم «المثليين»!

 

 

Back to top button