المشهد اللبناني في مهبّ التسويات
النشرة الدولية –
لبنان 24 – ايناس كريمة –
تحكُم المشهد السياسي اللبناني نظريتان أساسيتان تقومان على فكرة واحدة هي أن إيصال رئيس جديد للجمهورية لن يكون ممكناً قبل إبرام تسوية إقليمية أو دولية تطال الملف اللبناني بشكل كامل، وعليه فإن هاتين النظريتان متناقضتان وترتكزان على نفس القاعدة، التسوية الخارجية.
النظرية الأولى هي تلك التي تتحدّث عن أنّ التسوية باتت قريبة جداً، ودلائل هذه النظرية أنّ القوى الاقليمية بدأت نوعاً من النقاش التفصيلي في ملفات المنطقة وتحديداً إيران والمملكة العربية السعودية اللتان تخطوان خطوات جدية نحو إنهاء خلافاتهما الاقليمية بشكل شبه كامل.
وبالتوازي مع اقتراب مؤشرات عودة واشنطن للاتفاق النووي – الايراني، أو بمعنى أدقّ توصلّها الى تسوية مع إيران مرتبطة بالملف النووي والعقوبات بدأ الحديث عن تقدّم كبير في الملفّ اليمني، ما يفتح المجال أمام ايران والسعودية لطيّ تلك الصفحة التي تشكّل أولوية قصوى بالنسبة للرياض والتي لا يمكن للحكم في المملكة تجاوزها والانتقال الى ملفات اخرى. وعليه، فإن تحقيق الرياض لما تريده على مستوى اليمن قد يكون دافعاً لها لتقديم تنازلات أو مبادرات حسن نيّة تجاه الملفّ اللبناني خصوصاً أن علاقتها مع النظام السوري باتت ايجابياً في مراحل متقدمة ما يمكّنها من الذهاب بعيداً لإبرام تسوية حاسمة تُرضي كُلاً من إيران وسوريا في لبنان من دون تقليص نفوذها التاريخي فيه.
أما النظرية الثانية فتتعارض تماماً مع الأولى إذ تقول أن التسوية في لبنان بعيدة وتحتاج الى اكثر من سنة لنضوجها خصوصاً أن الملف اللبناني لا يبدو أولوية بالنسبة للسعودية وهي غير مهتمة به في الوقت الراهن على الاطلاق، وكل ما يمكن أن تقدّمه من أجل إرضاء فرنسا قد قدّمته حين أزالت الڤيتو السعودي عن كل من أسماء المرشحين الرئاسيين المطروحين والمُحتملين.
في المقلب الايراني، فإنَّ طهران بحسب ما يبدو لا ترى حاجة لوضع الملف اللبناني على طاولة المفاوضات مع القوى الاقليمية التي تتجه نحو التسوية، وذلك في ظلّ امتلاكها لحليف وازن جداً في لبنان يستطيع ادارة شؤنه والتفاوض بنفسه مع هذه القوى الاقليمية والحصول على مكاسبه من دون أن تصبح طهران بحاجة للدخول في المزاد السياسي في لبنان.