عندما يغيب الموارنة عن السلطة ويحكم الطائف بالوكالة
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، وابتداء من الجلسة المقبلة ستباشر الحكومة مناقشة الموازنة العامة. أما التعيينات في المجلس العسكري وسواه فصارت في خبر كان حالياً، لكن مصادر حكومية قالت «إنّ تعيينات المجلس العسكري غير مطروحة، ولكن ربما يقتصرالتعيين على رئيس الأركان لكن ليس في المدى القريب، وهذه ليست مؤكدة أيضاً».
وبذلك تكون الخلافات السياسية أطاحت التعيينات المقترحة في حاكمية المصرف المركزي ورئاسة الأركان في الجيش. ووفق ما ينص عليه القانون فإنّ التعيينات في المجلس العسكري تبدأ باقتراح وزير الدفاع قبل عرضها على مجلس الوزراء لدرسها وإقرارها، وشرطها الثاني حضور وزير الدفاع جلسة الحكومة في حينه، لكن لا هذه ممكنه ولا تلك. فوزير الدفاع موريس سليم هو من جملة الوزراء المحسوبين على «التيار الوطني الحر» ويقاطع جلسات الحكومة وملتزم قرار «التيار» في هذا الشأن، فكيف يقترح شأناً لا يشترك في نقاشه، ناهيك عن الخلافات العميقة بينه وبين قائد الجيش العماد جوزاف عون والتي تجعل من «رابع المستحيلات» تمرير سليم أمراً يتعلق بقيادة الجيش والمجلس العسكري. إذاً المرجح في ظل انسداد الأفق الرئاسي أن يستمر الفراغ الرئاسي إلى أن تنتهي ولاية قائد الجيش في العاشر من كانون الثاني العام المقبل، فيتمدد الشغور إلى قيادة الجيش ويكتمل عقده بعد أن يتسلم النائب الأول لحاكم المصرف المركزي وسيم منصوري الشيعي مهمات الحاكم الماروني، بينما ستؤول قيادة الجيش إلى رئيس الأركان، الدرزي في حال تعيينه.
بجد سعى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بمعية قائد الجيش لترتيب التعيينات واتمامها لتمكين المجلس العسكري من الإجتماع مكتملاً فيصيب عصفورين بحجر واحد: أولاً، يتمكن قائد الجيش من استعادة حرية الحراك بوجود رئيس الأركان الدرزي (يسميه الرئيس السابق للإشتراكي وليد جنبلاط الذي تروق له فكرة تسلم رئيس الأركان الدرزي قيادة الجيش بالوكالة)، وثانياً يقطع الطريق على تسلم مقرب لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل القيادة، وهو الضابط الأكبر سناً ولو موقتاً.
لم يعد الفراغ الذي يهدد المؤسسة العسكرية بعد ستة أشهر من الأسباب القاهرة التي توجب على «التيار الوطني الحر» الموافقة على استكمال التعيينات طالما أنّ الفراغ صار هو الحاكم الأكبر. في غضون أشهر قليلة من اليوم، وإذا لم ينتخب رئيس للجمهورية، فسيكون البلد على موعد مع سابقة في المراكز الأولى الأساسية في البلد: فراغ في رئاسة الجمهورية ينوب عنه رئيس الحكومة السني على رأس حكومة (غير مكتملة)، حاكم المصرف المركزي الماروني ينوب عنه نائبه الشيعي وسيم منصوري المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقائد الجيش سينوب عنه رئيس الأركان الدرزي… ليكتمل عقد خروج المسيحيين من السلطة خروجاً كاملاً ويقتصر التمثيل المسيحي على نيابة رئاسة تابعة للأرثوذكس يحمل صاحبها اللقب ولا يشارك فعلياً في السلطة وصناعة قرارها، وينتقل الطائف الى طائف بالوكالة وليس بالأصالة. ولو أنه نص على مبدأ المناصفة بين الطوائف، ثم كرّس توزيعها بالعرف.
تجنباً لأي جدل سياسي، ثمة وجهة نظر مسؤولة ترى أنّ «أمامنا ما يكفي من الوقت إلى حين انتهاء ولاية قائد الجيش ما لا يستوجب الإستعجال في التعيينات منذ اليوم، خاصة أنّ أعضاء المجلس العسكري الموجودين يتمتعون بصلاحيات استثنائية تخولهم ممارسة عملهم، وأنّ أي تعيين قد يتم حالياً سيبقى ساري المفعول إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتعيين قائد جديد للجيش، أي سيكون هناك مجلس عسكري محسوب على قيادة الجيش التي انتهت ولايتها»، ولهذا يفترض بقاء الشغور لغايتين أساسيتين: الاولى وجوب انتظار انتخاب الرئيس الجديد ليختار قائد الجيش الجديد المجلس العسكري، والثانية عدم سد الفراغ بالترقيع. ذلك أنّ المطلوب تكبير حجم المشكلة لفرض حلول جذرية لأنّ بلوغ الفراغ هذا الحد يعني أن يكون البلد أمام أحد مظاهر فكفكة النظام المأزوم.
كلما تأخر انتخاب رئيس للجمهورية تسيّد الفراغ وتمدّد والسبب مناكفات سياسية بين فريق يريد قطع الطريق على آخر موطئ قدم لـ»التيار الوطني» في السلطة، وآخر يرفض تسيير الأمور بما تيسّر على قاعدة «إذا ما كبرت ما بتصغر» وليكن انتخاب الرئيس أولوية.