أشباهُكَ الأربعون
النشرة الدولية – زينة جرادي
رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ المحابِر
وبدأتِ السّيمفونيَّةُ تعزِفُ لحنَها الأخير
غيَّرَتِ الرّوحُ مساراتِها وغادرَتْ أطرافَ أوصالي
تبحثُ كرسولٍ عن صفحةٍ بيضاءَ لم يُلَوِّثْها التَّزَلُّف
تَخلو من كسْرِ الخَواطِر
بينَ أشباهِكَ الأربعين أنتَ النُّسخةُ الأصْلُ
ارتديتَ أجملَ ما اختزَنَتْ لكَ ذاكرتي من صُوَرٍ
أنا من أضاعَتْها النظراتُ في طريقِ أوهامِ عابرِ سبيل
انتظرَتْ على أرصِفَةِ العُبورِ بين قُصاصاتِ القصائد
تساقطَتْ حُروفُ الحنينِ من جُيوبِها المُمَزَّقَةِ تحتَ الأقدام
بِضَجيجِ هَمسٍ بينَ الأمسِ واليَوم
تَقَبَّلْ قلبي هديةً بنكهَةِ الحُبِّ الأحمر
تَرَفَّقْ ولا تكسِرْهُ بينَ يدَيْك
لملمتُكَ ندًى تبعثَرَ عن ورْداتِ فَجْرٍ شَلَّ أنينَ أنفاسي
شرِبنا كأسَنا حتى الثُّمالة
هل سيجمَعُنا اللَّيلُ ثانيةً و يصفَحُ عمّا مضى
تسألُني أبجديَّتي متى ستكتُبُ قلبَكَ باسمي
يا كحيلَ العيْنَيْنِ يُعرِّيني الحنين
ولوعةُ القلبِ تُحرِقُ روحي
حينَ ينسالُ الإحساسُ وقتَ القُطوفِ
ينسابُ حُبُّكَ كالدَّمِ في الوريدِ
تُغَطّينا أطيافُ النُّورِ التي لم تُخلَقْ بَعْد
أجهَضَها الزِّحامُ كَمَوْجٍ ارْتَدَّ مِرارًا حتى غَرِقَ في أحزانه
اِرتَدِيني فليسَ لي ما أرتديهِ إلَّاكْ
بعثرَتِ الرِّيحُ خُطانا بينَ المفارِق
لا يعتَرِينا سِوى ما تبقَّى
صورٌ عَصِيَّةٌ على الغِياب
تسلَّقَ النِّسيانُ أرواحَنا وانْتَبَذَ رُكْنًا قَصِيًّا يُطِلُّ على فَراغ
سأُغلِقُ بابَ القَصيدِ على كِلَيْنا
في شارعٍ بِلا عُنوانٍ تُطَوِّقُني بهِ اللّا جِهاتْ
كخيْطِ ضوءٍ تسلَّلَ في عتمِ لَيْلٍ تَدَثَّرَ فيهِ السُّكونُ بالبُكاء
هل خَرِسَتِ الحروفُ في الحَنْجَرَة
حتى الكلماتُ التي تفوَّهْتَ بها هَرَبَتْ
وانطفأَ قمري مَهزومًا في رُكْنِ سماءٍ مُعتَقِلًا كلَّ الأحلام
أدميْتَني كزهرةٍ مَزَّقَ عطرَها شوكُ السِّياج
بيني وبينَكَ ضلَّ قلبي الطريقَ وضاع
لا تُبقِْ الأبوابَ مَوْصودَة
سيأكُلُ الصَّدأُ صُراخي وكُلَّ الذكريات
وتُبَدِّدُنا الأماكِن
ويُشَلِّعُ الخريفُ وَرَقتي الحالِمَة
أَسْقِطْ عَنْي جَفاك
أَطْلِقْهُ معَ الريحِ يَتَوارى خلفَ الشَّبابيك
يَرتدي الستائِرَ المُتَراقِصَةَ على لحنِ النَّسَمات
كالصَّخْرِ قلبُكَ لا يَلين
وذَهَبٌ قلبي ينصَهِرُ بِلَظاك
تحتَ وَدَعِ المصيرِ وقعَ ما خَشِيت
وطني أنتَ، وأجملُ ما أفعلُهُ هوُ الاحتلال