الحركة الإسلامية تبتعد عن تركيا والإخوان يهاجمون حماس

النشرة الدولية –

أزعج مسار التقارب بين حركة حماس ونظام الرئيس السوري بشار الأسد التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والدول الراعية له، حيث تحركت أذرع التنظيم لتحذر الحركة من “مفاسد عظيمة” لهذا التقارب، وهو ما يظهر أنه لا يحظى بموافقة الدول التقليدية الراعية للحركة ولتيار الإخوان عموما مثل تركيا وقطر، في وقت تبدو فيه الحركة وقد تحولت إلى ورقة بيد طهران بعد أن كانت في يد أنقرة والدوحة.

وبرز القلق من تقارب حماس مع دمشق من خلال بيان صادر عن وفد من “علماء مسلمين” نصح الحركة بمراجعة قرارها استعادة العلاقة مع النظام السوري، واصفا القرار بأنه يحتوي على “مفاسد عظيمة، ولا يتفق مع المبادئ والقيم والضوابط الشرعية”، وحث الحركة على “أن تقوم بمراجعته وإعادة دراسته في ضوء ما ذكره العلماء”.

وقال مراقبون فلسطينيون إن صدور البيان بشكل علني -بدلا من توجيه النصيحة عبر القنوات التقليدية وعدم إخراج الخلاف إلى العلن كما يفعل الإخوان عادة- يظهر مدى انزعاج الداعمين التقليديين للحركة من قرار التيار المتشدد فيها (وهو تيار أغلبي) التوجه نحو دمشق.

الإخوان أنفسهم قد نسوا انفتاحهم على الأسد بوساطة حماس في زمن المراقب الأسبق للإخوان في سوريا صدرالدين البيانوني

وأشار المراقبون إلى أن تمسك حماس خلال فترة رئاسة إسماعيل هنية للحركة بالاقتراب أكثر من دمشق يؤكد فقدان تركيا السيطرة على الحركة، خاصة بعد أن نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في استثمار علاقته بالحركة في جذب إسرائيل وإذابة الخلاف بينها وبين تركيا والتأسيس لتعاون استراتيجي متنوع بحرص شديد من أردوغان، خاصة ما تعلق بمرور الغاز الإسرائيلي عبر الأراضي التركية نحو أوروبا.

ولفت هؤلاء إلى أن حماس باتت تشعر بأن أردوغان ضحك عليها واتخذها مطية لتحقيق أهدافه، كما أن مسار التنسيق مع قطر لم يفض إلى أي نتائج في خدمة الحركة، وأن الدوحة نفسها استثمرت ذلك في تثبيت دورها في التنسيق مع إسرائيل وتقديم نفسها كوسيط دون أي نتائج لفائدة حماس على عكس الوعود الكبيرة التي أطلقتها الدوحة، خاصة ما تعلق منها بالتمويل والميناء وتسهيل دخول ما تريده حماس من إسرائيل.

وحسمت حركة حماس أمرها بأن عادت إلى بيت الرئيس السوري بشار الأسد بالرغم من الحملات السابقة التي شنها قياديون في الحركة ضده وانحيازهم في بداية “الربيع العربي” إلى المعارضة السورية ضمن خطة كان يؤمل أن تقود إخوان سوريا إلى الحكم مثل ما حصل مع صعود الإخوان إلى السلطة في دول مثل مصر وتونس.

ومن الواضح أن الإخوان أنفسهم قد نسوا انفتاحهم على الأسد بوساطة حماس في زمن المراقب الأسبق للإخوان في سوريا صدرالدين البيانوني، وهو ما كشفت عنه تصريحات أدلى بها رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل وتحدث فيها عن رغبة البيانوني وبعض القيادات الإخوانية السورية في فتح باب للوساطة مع الأسد، قبل أن يتم لاحقا جر حماس إلى الحلف المضاد لدمشق.

وبعد أن فشلت خطة الإخوان والدول الداعمة لهم في السيطرة على موجة “الربيع العربي”، كانت حماس الأكثر تضررا خاصة أنها فقدت ثقة إيران الحليف الرئيسي لها والداعم بالسلاح والمال.

وفي الثامن والعشرين من يونيو الماضي أكد القيادي في حماس خليل الحية صحة الأنباء التي تحدثت عن قرار الحركة سعيها لاستعادة العلاقات بينها وبين النظام السوري.

وقال الحية في حوار لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، ردا على سؤال حول طبيعة العلاقات الحالية مع النظام السوري، إن مؤسسات الحركة “أقرت السعي لاستعادة العلاقة مع دمشق”، دون تفاصيل إضافية.

ومثلت هزيمة مشعل وصعود إسماعيل هنية مكانه جزءا من تراتيب العودة إلى البيت الإيراني وشرطا للحصول على الدعم المالي والمساعدة على تهريب الأسلحة إلى غزة.

وينظر إلى هذه العودة على أنها انتصار للخط الإيراني داخل حماس نفسها، حيث عارضت “كتائب القسام” (الجناح العسكري للحركة) مسار مشعل في القطيعة مع إيران وحزب الله، كما تؤكد نجاح إيران في الضغط على الحركة عبر التحكم في درجة التمويل وكميات الأسلحة لإجبارها على العودة إلى قوى “الممانعة”، وتنفيذ أجندة إيران في غزة كما يفعل حزب الله في لبنان من خلال مشاغبة إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة للتأثير على مفاوضات الملف النووي الإيراني وقضية العقوبات.

ومنذ توليه رئاسة المكتب السياسي حرص هنية على تعديل خطاب الحركة والاقتراب أكثر من إيران وسوريا، والتبرّؤ من المرحلة السابقة التي كشفت فيها الحركة عن وجهها الإخواني الذي يمس أحد حلفاء طهران.

وفي يونيو 2018 قال هنية إن ما نسب إليه من كلام حول “دعم الثورة السورية، غير دقيق”، وإن حماس “لم تكن يوما في حالة عداء مع النظام السوري”.

وشدد هنية على أن “النظام في سوريا وقف إلى جانب حماس في محطات مهمة، وقدم لها الكثير، كما الشعب السوري العظيم”، مشيرا إلى أن “الحركة لم تقطع العلاقة مع سوريا، لكن الكثير من الظروف الموضوعية أدت إلى شكل العلاقة الحالي”.

ووصف ما جرى في سوريا بـ”الفتنة” حين قال “ما حدث في سوريا تجاوز الفتنة إلى تصفية حسابات دولية وإقليمية”، متمنياً أن “ينتهي هذا الاقتتال، وأن يعود الأمن والاستقرار والسلم الأهلي إلى سوريا وأن تعود إلى دورها الإقليمي والقومي”.

وأثارت تصريحات هنية آنذاك موجة استنكار وتنديد من قبل جمهور الإخوان الذي اتهم الحركة بالازدواجية وتبني سياسة براغماتية هي أقرب إلى “الانتهازية”.

Back to top button