التكنولوجيا قتلت الايديولوجيا .. وتقود العالم لأيديولوجية متفردة
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

انحسرت أيديولوجية الشعوب وتلقيها المعلومات والافكار من منبع واحد يحركهم كما يشاء، صانعاً فكراً خاصاً لكل دولة أو منظمة دولية يصعب اختراقه، لتلتف الجماهير حينها حول هذه الايدولوجيات وتدافع عنها بأرواحها كونها لا تملك معلومات عن الايديولوجيات الأخرى، لتعتقد ان ايدلوجيتها الخاصة هي الافضل والمتفردة بالعلم والمعرفة والعمل والنهضة لعدم وجود طرق قياس بين ما يؤمنون به وما يؤمن به الآخرون، كما انها عملت على عزل الجماهير عن الواقع الحقيقي باظهارها أجمل ما في توجهها وتخفي عيوبها حتى لا تتأثر الصورة الشمولية لفكر الجماهير، وبالتالي يصعب السيطرة عليهم.

واستمرت الأيديولوجيا بالعبث بالشعوب بفضل قدرات قياداتها على الاختباء وراء الكلمات وصناعة الأعداء، ونجح القادة وبدرجة كبيرة في السيطرة على الجماهير، كما حصل مع النازية والفاشية والماركسية وغيرهم الكثير، والتي كانت نتاج غير صحي لأنظمة الحكم القائمة على الديكتاتورية والديمقراطية والأرستقراطية والثيوقراطية والملكية، والمناهج الاقتصادية والأخلاقية والدينية، ولكل منها خصائصها في السلاسة والتعقيد، بغية السيطرة على الجماهير بضمان الانغلاق بعيداً عن أعين وفكر الآخرين.

ثم جاءت التكنولوجيا لتنسف الحدود والجنود لتصل إلى معاقل قيادات الايديولوجيات المختلفة والتي لم تصمد طويلا، لتبدأ بالتساقط تباعاً في عصر أصبح الاتصال فيه أسهل شيء، ويمكن أن تأتي بالعالم أجمع إلى كف اليد بفضل هاتف نقال ذكي، وهنا تساقطت الأيديولوجيات وتعرت حيث ظهرت الصورة واضحة لمجموعة الأفكار المغروسة في عقول الجماهير، وانها كانت للسيطرة على الجماهير لتكريس الحكم وقيادتهم كالمنومين مغناطيسياً، لتتراجع سطوة الفكر الأوحد أمام تعدد الأفكار السياسية والدينية والاقتصادية والأخلاقية بظهور التكنولوجيا ليولد عالم جديد اسمه عالم القرية الصغيرة حيث يصل أي خبر بلحظات لشتى أقطاب الأرض.

وهنا ماتت الايديولوجيا القائمة على التفرد وولدت أيديولوجيات جديدة قائمة على تشاركية الفكر، لنجد ان كل منصة تواصل اجتماعي قد أصبحت تشكل أيديولوجية خاصة، لكنها غير مغلقة ويمكن للجماهير التنقل في العالم الافتراضي بحرية أكثر من التنقل على أرض الواقع ليتولد الاعتقاد بأنها تقود العالم صوب أيديولوجية واحدة خلال الخمسين سنة القادمة، بع أن أصبح الانسان أسير التكنولوجيا التي تضخ معلومات يومية تعجز العقول عن متابعتها، لتنفذ الجماهير متعددة الأعراق أوامر قادة التكنولوجيا ورغباتهم وتصبح أسيرة رسائلهم رغم افتقاد الجماهير لروابط اللغة والمعتقد والأخلاق المتشابهة.

آخر الكلام:

الأيديولوجيا، هي النسق الشمولي لـلأفكار والمعتقدات التي تُسير سلوك البشر بنمط محدد، وتعمل على تبرير الفعل بتفسيره حسب المعتقد، والدفاع المطلق عن النظام القائم، لتموت الأيديولوجيات على أعتاب التكنولوجيا التي ترفض اعتزال الشعوب للحفاظ على خصوصيتهم لتصبح قابلة للتغير لمواكبة التغيرات السريعة في عالم صغير لسهولة الاتصال وتنوعه.

زر الذهاب إلى الأعلى