الغنوشي يقر بأنه مكروه شعبيا…يستعرض أنصاره لتغيير اتجاه التحقيق من تمويل خارجي إلى مؤامرة
النشرة الدولية -.
عمل رئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس راشد الغنوشي على استعراض أنصاره من جمهور ومحامين للضغط على القضاء في مرحلة أولى، وفي مرحلة ثانية للإيحاء بأن ما يجري محاكمة سياسية له لكونه يعارض الاستفتاء المقرر يوم الخامس والعشرين من يوليو الجاري.
يأتي هذا في وقت يقول فيه مراقبون تونسيون إن الغنوشي يعترف ضمنيا بأنه مكروه شعبيا وأن قيس سعيد يريد أن يضحي به ليسترضي الشارع الناقم على حكم حركة النهضة خلال السنوات العشر الماضية، والتي باتت توصف في تونس بالعشرية السوداء.
ولفت المراقبون إلى أن الغنوشي سعى للهروب من تهم التمويل الخارجي الموجهة إليه وإلى حركته، وهي إن ثبتت قضائيا ستوجه ضربة قوية لكل الشعارات التي رفعتها النهضة خلال السنوات الأخيرة بشأن قطيعتها مع التنظيم الدولي للإخوان وأنها حركة محلية تونسية، كما قد يقود ذلك إلى حلها وفق قانون الأحزاب.
تهم التمويل الخارجي الموجهة إلى النهضة، إن ثبتت قضائيا، ستوجه ضربة قوية لشعاراتها بشأن القطيعة مع التنظيم الدولي
ويرى هؤلاء أن الغنوشي قبل دخوله مقر جلسة التحقيق سعى في تصريحات إلى ربط المحاكمة بمواقفه السياسية، وهي مزاعم لا تجد لها صدى في تونس خاصة أن الديمقراطية فشلت تماما ولم تستفد منها إلا النهضة، وأن الهدف هو مغازلة وسائل إعلام ولوبيات غربية مازالت توظف ورقة الإسلاميين في الضغط على الأنظمة العربية التي تحاول بناء تجارب خاصة والتحرر من التدخلات والإملاءات الخارجية.
واعتبر رئيس حركة النهضة الثلاثاء أنه يواجه “تهما كيدية في إطار تمرير مشروع دستور يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي المطلق”.
جاء ذلك في تصريحات له أمام مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب شمال العاصمة تونس، قبيل عرضه على التحقيق في قضية جمعية “نماء تونس” التي يتهم عدد من أعضائها بغسيل الأموال، وهو ما تنفيه النهضة وتعتبره تأليبا للرأي العام ضدها.
ويأتي استجواب الغنوشي قبل أقل من أسبوع من إجراء الرئيس قيس سعيد استفتاء على الدستور تعد المصادقة عليه بمثابة نهاية رسمية ودستورية للنظام السياسي السابق الذي قاد البلاد إلى الفوضى وفتح الباب أمام الإسلاميين للسيطرة على السلطة من خلال المشاركة في حكومات متعاقبة تقوم على المحاصصة الحزبية.
وتجمع نحو 200 محتج أمام المحكمة على الرغم من الوجود الكثيف لقوات الشرطة لتأمين إدلائه بشهادته في جلسة تمهيدية أمام قاضي التحقيق.
وهتف المحتجون “يسقط يسقط الانقلاب” ورفعوا لافتات كتب عليها “أوقفوا المحاكمات السياسية”.
وقال مسؤول قضائي لرويترز إن القاضي سيستجوب الغنوشي بشأن شبهات غسيل أموال فيما يتعلق بدفع مبالغ من الخارج لجمعية “نماء تونس” المرتبطة بحركة النهضة.
وفي السادس من يوليو الجاري أعلنت لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي التونسي تجميد حسابات بنكية وأرصدة للغنوشي، و9 أشخاص آخرين.
وإلى جانب الغنوشي وأحد أبنائه، ضم الإعلان أسماء رئيس الوزراء الأسبق حمادي الجبالي وابنتاه، وصهر الغنوشي وزير الخارجية الأسبق رفيق بن عبدالسلام وآخرين.
وفي مارس الماضي أعلن القضاء التونسي إحالة حركة النهضة في شخص ممثلها القانوني (لم يسمه) إلى التحقيق في القضية المعروفة إعلاميا بـ”اللوبيينغ”، وهي جريمة يعاقب عليها القانون.
وأفاد بيان صادر عن مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية في العاصمة تونس بأن ممثل الحركة “وأحد من ثبت ضلوعه في إبرام عقد الاستشهار من قياداتها” أحيل على مجلسها الجناحي للتحقيق.
وأضاف البيان “ختمت الأبحاث في القضية التحقيقية المنشورة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي والمتعلقة بتمويل الحملة الانتخابية التشريعية لسنة 2019، والمعروفة بقضية ‘اللوبيينغ’”.
وبدأت التحقيقات القضائية مع حركة النهضة الإسلامية بشبهة الحصول على تمويل أجنبي خلال الانتخابات بعدما تم الكشف عن عقود “اللوبيينغ” أو جماعات الضغط، التي أبرمتها الحركة مع شركة أجنبية للقيام بحملات لصالحها بغرض تحسين صورتها والتلاعب بالرأي العام، وذلك اعتمادا على ما كشفه التقرير الختامي لدائرة المحاسبات حول نتائج مراقبة تمويل الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019.
وكشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس والقطب القضائي الاقتصادي والمالي محسن الدالي في الرابع عشر من يوليو السنة الماضية أنه تم توجيه هذه التهم بعد استيفاء الأبحاث الأولية.
وأضاف الدالي آنذاك أن التحقيق يشمل حزبيْ النهضة وقلب تونس وجمعية “عيش تونسي”.
وفي تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية السابقة والتشريعية لسنة 2019، رصدت محكمة المحاسبات أن حركة النّهضة “تعاقدت في 2014 مع شركة الدعاية والضغط BCW الأميركية لمدّة 4 سنوات بمبلغ قدره 285 ألف دولار”.
وتمّ تجديد هذا العقد من السادس عشر من يوليو 2019 إلى السابع عشر من ديسمبر من نفس العام، بمبلغ قدره 187 ألف دولار، وهو ما اعتبرته المحكمة “شبهة تمويل أجنبي” بنص الفصل 163 من القانون الانتخابي.
لكن الغنوشي يعتبر أن هذه الاتهامات جزء من حملة لاستهدافه واستهداف الحركة. وقال الثلاثاء إن “قيس ووزراءه وأنصاره يتربصون بي وبعائلتي منذ انقلاب الخامس والعشرين من يوليو. تندرج التهم الكيدية في إطار تمرير دستور يكرس الاستبداد”.
وأضاف “تستمر المحاولات وتتنوع الأساليب لاستهداف حركة النهضة ورموزها في محاولات دؤوبة لا تفتر لربطها بالإرهاب والتآمر على البلاد، ولتحويلها من حالة سياسية يتعاطى معها بالديمقراطية إلى ملف أمني وقضائي”.