تجارة التجزئة تنتشر في عالم كرة القدم الاردنية!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
دون مقدمات سجعية ومحسنات لغوية، في الأردن كرة القدم غير، فهنا لها معايير لا تنطبق مع الفكر والعلم ولم نسمع بها حتى في بلاد “الواق واق”، في الأردن هناك من يبحثون عن المجد باي ثمن فيصنعوه بطرق شتى، في الاردن العلم الإداري وفن إدارة المؤسسات الرياضية وبالذات كرة القدم ليس موجود لا في “راس ولا كراس” بل في الكرسي، أدرك أن البعض سيضحك، ويتساءلون هل يعقل أن العلم في الكرسي؟، نعم وهذا ليس أمر خاص بالرياضة فهو منهاج شامل ومطلب وظيفي، فما أن يجلس المسؤول الرياضي في الأندية والإتحاد على مقعده المريح ليتولى إدارة الرياضة “مع العلم أنه هذه النوعية لم تمارس أي رياضة في حياتها”، حتى يتحول إلى خبير يفتي بغير حساب وبسرعة يحسده عليها البعض، بل يتساءلون من اين جاء بهذا العلم المتفرد الجديد في العالم؟، القصة بكل بساطة أن المعلومات تكون مخزنة بالكرسي وتنقل إليه لحظة الجلوس في مقعده.
وسيعتقد البعض بأنني أمزح أو حتى أتجنى عليهم، فالمرشح لعضوية مجلس النواب في الأردن يقدم أوراقه دون أن يكون له برنامج ولا يكون له نهج، وفجأة بقدرة قادر يصبح نائب في البرلمان، مع العلم أنه لم يفتح كتاب سياسي ولا اقتصادي ولا يعرف الكثير عن التعامل الإجتماعي، وفجأة دون مقدمات يتحول إلى مُشرع في العلوم السياسية والإقتصادية والرياضية، ويصبح مصدر إلهام لبعض عابري السبيل من مرتزقة الفكر والمناصب، فيكثروا له التطبيل والتهليل فيظن انه حاز العلم من جميع أطرافه وأصبح مصدر العلوم والمعرفة، وهنا تبدأ المصائب تنهال كونهم لا يعرفون إلا القشور فيما لب المواضيع وعمقها وآثارها المستقبلية تكون أخر همومهم، فينتفخون وهماً معرفياً كالحمل الكاذب، وعند المخاض تظهر الكذبة الكبرى.
وهذا هو بالضبط حال الرياضة الأردنية وبالذات كرة القدم، لذا أتحدى أي نادي بأن يملك خطة مكتوبة مدتها عامين فقط، ولن أقول خطة متوسطة الأمد من خمس سنوات أو طويلة لعشر سنوات، وينسحب الأمر على الإتحادات التي لا تملك تخطيط إلا عبر بوابات المنافسة فقط، فالأندية الأردنية في غالبية الألعاب الجماعية لا تملك فريق ثابت لمدة عامين وربما عام، فالعمل في هذه الألعاب يشبه تجارة التجزئة وليس بالجملة، فتكون الأرباح إن تحققت بالصدفة قليلة والجهد كبير وادعاء البطولات أكبر والمديونية أكبر وأعلى وأسرع في النمو، ففي كرة القدم والطائرة والسلة وهي الألعاب التي تشهد الرحيل الفردي والجماعي للاعبين لا نجد ثبات لفريق، والسبب ان مدة عقود اللاعبين في أفضل حالتها لمدة عام واحد فقط، والمضحك المبكي أن عديد الأندية انتقلت من بيع التجزئة إلى البيع على الإشارات الضوئية من خلال عقود تمتد لشهرين.. نعم شهرين، وبعدها يتم التفاوض من جديد حول العقد، فإما أن يتم تمديده، وهذا أمر يحصل في حالات نادرة أو إعادة البضاعة حسب عقد الكفالة.
وهنا دعوني استغرب معكم ونحن نُشاهد المنظر العام لكرة القدم العالمية حيث يتم التعاقد مع اللاعبين لخمس سنوات وأكثر، بل ان الأندية التي تحترم تاريخها وتدرك مصلحتها في علم التسويق تخجل من إبرام عقد لمدة عامين، كونها تُدرك بأنها تدمر إنسجام فريق وهو الأساس في تحقيق النتائج بدلاً من إستعارة لاعب لمدة محدودة على أمل أن يكون هو الفارس القادم من البعيد، وهذا أمر يجعلنا نتساءل عن دور المدراء الفنيين في الأندية، فكيف يوافقون على تدريب فرق هُلامية تكبر وتتقلص حسب درجات حرارة المنافسة، فاليوم تتعاقد بمبالغ كبيرة مع لاعبين لتحقيق هدف وفي اليوم التالي نجدهم يبكون أمام لجنة أوضاع اللاعبين، ثم يزداد البكاء حين تصدر قرارات خارجية بحق الأندية، وللحق فإن الجميع يسيرون بهذا الإتجاه لنشعر بأن القادم أسوء.
وللحق أيضاً لا يوجد لدى الأندية حلول كونها تبحث عن البقاء واللقب دون إهتمام بكرة القدم الأردنية بصورتها الكُلية، وهنا يجب أن يتدخل الإتحاد لحماية اللعبة وعدم الإكتفاء بدور المراقب، بأن يفرض شروط قاسية على إنتقال اللاعبين بحيث لا تقل مدة العقد عن عامين مع بداية الموسم وعامين ونصف في حال الإنتقال بين مرحلتي الذهاب والإياب، حفاظاً على انسجام الفرق وعدم ترك الباب على الغارب لتفعل الأندية ما تُريد تحت شعار “أنا ومن بعدي الطوفان”، والمصيبة أن الطوفان أول من سيقتلع هو هذه الأندية، وعلى وزارة المالية والضريبة أن تتدخل لنيل حق الدولة من قيمة هذه العقود، وهذا أمر يخدم اللعبة في المقام الأول والدولة، فالدولة ستجني مال أفضل من العقود قصيرة الأجل مما سيجعل قيمتها ترتفع لأرقام يصعب معها استمرار الأندية بهذا النهج، لتعود للعمل المبني على الخطط المنهجية العلمية وليس على العنتريات في صفقات تزيد من حجم المديونية وتُسارع في بيع الأندية في المزادات.