ماذا بشأن اللاجئين السوريين في لبنان؟
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
قراءة ملف اللاجئين السوريين وعودتهم إلى ديارهم في ظل المشهد اللبناني الصارخ والموجع ستبقى منقوصة مادام ملف الدولة والنظام السوري مفتوحاً ومشرعاً تسرح فيه الجيوش وتتصارع فيه مصالح اللاعبين الكبار.
احتدم النقاش بين عدد من المواطنين اللبنانيين حول أزمة «السوريين» المتواجدين في البلاد، وسط أزمة اقتصادية مستفحلة تطحن «الغلابة» والطبقة الفقيرة عموماً.
عندما قال «انظر كيف يعيشون هم وكيف نعيش نحن، هم يتسلمون حصصهم بالدولار من الأمم المتحدة ولديهم بطاقات تخولهم تسلُّم المواد التموينية الأساسية التي يحتاجونها، بينما نحن نعيش على الليرة ونصحو عليها حتى كدنا نموت»!
هذا القول قد يكون شائعاً بين طبقات عدة في لبنان، بعد أن أصبح الحديث عن «السوريين» ملتبساً ومختلطاً بين الواقع والأوهام.
أحدهم رد: «يا أخي، نحن لا نتكلم عن إحصاءات وهمية، لدينا حارس عمارة كان عنده ابن واحد قبل «الثورة السورية» عام 2011، الآن أصبح لديه ستة أولاد» وهم يتشاركون معنا الماء والكهرباء والمواد الأولية، فكيف يستقيم وضعنا إزاء جالية تشكل اليوم نصف عدد اللبنانيين الباقين على قيد الحياة؟!
في السوق اللبناني اليد العاملة، التي تستحوذ على قطاع العمل، هم من الجالية السورية، ويأخذون من اللبنانيين أي فرصة للعمل، بمعنى آخر أغلقوا عليهم مجالات الرزق.
ما يحصل أن الذين يتناولون هذا الملف يخلطون بين مفهوم «اللاجئين السوريين» وبين السوريين الذي دخلوا لبنان قبل وبعد 2011، هناك فرق شاسع بين الحالتين، وقسم كبير منهم لم يأت خوفاً من بطش النظام أصلاً، بل جاء بحثاً عن عمل يدرُ عليه مبلغاً من المال يحمله إلى قريته أو المنطقة التي ينتمي إليها.
المشكلة تدحرجت وتحولت إلى ورقة سياسية لدى الفرقاء اللبنانيين وانقسموا حولها كالعادة كما ينقسمون حول أي قضية محلية أو عربية أو دولية…
تضاعفت قصة «اللاجئين» وزادت أعباء إضافية على بلد منهك وآيل إلى السقوط جراء أزماته المتلاحقة، وهناك من يعتقد أن «اللاجئين» يشكلون ما يقرب من ربع سكان البلاد البالغ عددهم على الورق ستة ملايين نسمة، وهي أعلى نسبة في العالم من حيث عدد اللاجئين مقارنة بعدد المواطنين، هذا في حال إضافة اللاجئين الفلسطينيين إليهم وغيرهم من الجاليات العربية، لا سيما عدد الخدم الذين يناهز عددهم المليون كما يتردد على ألسنة البعض.
الصورة القائمة أن 80 في المئة من اللبنانيين و«اللاجئين» السوريين يعيشون تحت خط الفقر وهو أمر يضاعف من حجم المخاطر على مستوى الخدمات وعلى مستوى المعيشة.
لقد جرت عدة محاولات لإعادة بعض اللاجئين السوريين إلى قراهم، لكنها بقيت محدودة جداً، والإشكالية القائمة: هل يتم إخراجهم بعد أن عجزت السلطة عن أن توفر لهم مستوى لائقاً من العيش، أم أن الدولة اللبنانية غير قادرة على هذا الفعل، لأنه لا إجبار لأي «لاجئ» على العودة، لأن ذلك يخالف القوانين الدولية التي تدعو إلى حمايته.
أنصار حقوق الإنسان والمجتمع المدني يعللون بقاءهم حيث هم تحت ظل نظام بشار الأسد، فلا توجد عودة آمنة في الوقت الحالي!
قراءة ملف اللاجئين السوريين وعودتهم إلى ديارهم في ظل المشهد اللبناني الصارخ والموجع ستبقى منقوصة مادام ملف الدولة والنظام السوري مفتوحاً ومشرعاً تسرح فيه الجيوش وتتصارع فيه مصالح اللاعبين الكبار.
اللبناني يئن من الألم بسبب النكبة الاقتصادية والسياسة التي يعيشها هذا البلد، كما السوري المتواجد على الأراضي اللبنانية، سواء كان لاجئاً أو عاملاً أو صاحب رأسمال وتاجراً.