التشكيلات الديبلوماسية: مجلس الخدمة يلاقـي السياسيين إلى المعارضة… ولكن بو حبيب مصرّ
النشرة الدولية –
نداء الوطن – غادة حلاوي
ليس معلوماً ما إذا كان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب سيصرّ على موقفه من إنجاز التشكيلات الديبلوماسية للفئة الثالثة أم سيسلّم بمعارضة غالبية القوى السياسية ولا سيما المسيحية، للتراجع عن الخطوة. يؤكد بو حبيب المضيّ قدماً في خطوته على اعتبار أنّ التشكيلات خطوة إنقاذية وإرجاءها يعني نهاية الخارجية. وخلال اجتماع عقد حديثاً في الوزارة أكد وزير الخارجية أنّ التشكيلات ستنجز بصرف النظر عن رأي مجلس الخدمة المدنية، لأنّ رأيه استطلاعي غير ملزم، فيما أكد الأمين العام للوزارة هاني شميطلي أنّ أي جهة لا يمكنها توقيف التشكيلات، إلا إذا أراد الوزير ذلك.
أنهى بو حبيب إعداد مشروع مناقلاتٍ ديبلوماسية للفئة الثالثة، للذين مضى على خدمتهم في الوزارة قرابة أربع سنوات، وصار يحقّ لهم الالتحاق ببعثات خارجية. يقضي المشروع باستدعاء حوالى 30 ديبلوماسياً موزّعين على عددٍ من البعثات إلى الإدارة المركزية في بيروت، ليحلّ مكانهم العدد نفسه من الديبلوماسيين العاملين في الوزارة لإلحاقهم في الخارج. هدف الخطوة تحسين أوضاع العاملين في بيروت الذين تراجعت قيمة رواتبهم، وهذا يعتبر حقاً من حقوقهم البديهية لولا أنّ الأمر أنجز في حكومة مستقيلة تحوّلت إلى حكومة تصريف أعمال بنهاية ولاية رئيس الجمهورية.
منذ إعلان إعداد التشكيلات اصطدمت بإجماع مسيحي رافض كونها تأتي في مرحلة تصريف الأعمال، وتسببت بإشكال بين وزير الخارجية والبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي أبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفضه التشكيلات. رفض بكركي وبعض القوى السياسية تعلّله مصادر مطلعة على الملف، بشمول التشكيلات الديبلوماسية مقربين أو تابعين لهذه القوى، سيعودون للالتحاق بالبعثات الديبلوماسية في لبنان مقابل سفر آخرين. بقراره يواجه بو حبيب سياسياً كلاً من «التيار الوطني الحر» المعارض مبدأ التعيينات من أساسه، والثنائي الشيعي لسببين: الأول، رفض التعيين في حكومة تصريف الأعمال، والثاني تجنّب إثارة مشكلة مع «التيار الوطني الحر».
وتأتي خطوة بو حبيب في وقت تشهد علاقته بـ»التيار» تدهوراً كبيراً. السفير السابق المقرب من الجنرال ميشال عون وأحد أعضاء «خلية السبت» السياسية يغرد خارج سرب «التيار» ورئيسه الحالي جبران باسيل، ومواقفه مرهونة بالتنسيق مع رئيس الحكومة الأقرب إليه من باسيل على حدّ توصيف مصادر «التيار» التي تقول إنّ بو حبيب «مدفوع من رئيس حكومة تصريف الأعمال ومنه، يقرّر إنجاز تشكيلات الفئة الثالثة، التي تقع في صلب صلاحياته كوزير لولا أنه درجت العادة على استمزاج رأي المرجعيات السياسية». ويقال إنّ بو حبيب قصد معراب مستعيناً بموقفها في مواجهة موقف بكركي و»التيار»، لكنه عاد خالي الوفاض، حسب ما نقلت مصادر مقربة.
معارضو التشكيلات قصدوا مجلس الخدمة المدنية للاطلاع على رأيه ولو أنّ قراره غير ملزم لوزارة الخارجية. وفي وقت آثرت مصادر المجلس التكتم على مضمون القرار ريثما تعلنه وزارة الخارجية، كشفت معلومات موثوقة أنّ المجلس رفض التعيينات التي تعتريها إشكالية قانونية ودستورية كونها تسجّل مخالفة لقواعد تصريف الأعمال للحكومة. لكن بو حبيب وفق مصادر الخارجية لن يأخذ قرار المجلس في الاعتبار على أساس أنّه استطلاعي غير ملزم للوزير الذي تناط به وحده صلاحية التشكيلات للفئة الثالثة في الوزارة.
متهم بو حبيب بمجاراة رئيس الحكومة على حساب مرجعيته السياسية التي عينته وزيراً، وأنه يتصرف بـ»كيدية» تدفعه لارتكاب هفوات ديبلوماسية فيظهر بإصراره مكرهاً وليس واثق الخطى، لكن من يتهمه بذلك يقرّ له بأحقية خطوته في إقرار تعيينات تندرج في صلب اختصاصه، وفي سياق تسيير شؤون مرفق عام، لكن المبدأ يقول إنّ فريقه السياسي يعارض انعقاد مجلس الوزراء فكيف له أن يقرّ تعيينات في زمن تصريف الأعمال، بينما هو يقاطع عمل الحكومة؟
مصادر الخارجية قالت إنّ بو حبيب يعلم أنّ السياسيين سيعارضون خطوته، لكن ضميره مرتاح لأنّ المعايير التي اعتمدها في هذه التشكيلات صحيحة ومطابقة للأصول، لكن إن لاقت معارضة فإنّه لن ينصاع لأوامر المعارضين، ولن يغيّرها لمراضاتهم، بل هو يعمل لما فيه مصلحة الوزارة التي تأتي التشكيلات كخطوة إنقاذية لها.
وأضافت المصادر أنّ من حق الذين عيّنوا عام 2019 ومضت أربع سنوات على تعيينهم الإلتحاق بمراكز عمل في الخارج مقابل عودة آخرين لم تمرّ سبع سنوات على خدمتهم بعد، ويا للأسف، صودف أنّ مصلحة العائدين لا تتوافق ومصلحة المعينين في الخارج، ولكن التشكيلات ستنصف الفئة الثالثة في ظل تراجع قيمة رواتبهم. وفي المعلومات أنّ الديبلوماسيين من الفئة الثالثة الذين سيشملهم قرار العودة في صدد تشكيل مجموعة ضغط ومعارضة قرار العودة والتقدم باعتراض عليه أمام مجلس شورى الدولة بحجّة عدم المساواة. لتكون تلك عقبة ثانية أمام إنجاز التشكيلات.
وتعليقاً على الضجة السياسية التي أثيرت، قالت المصادر الديبلوماسية إنّ التشكيلات تدخل في صلاحية الوزير، ورأي مجلس الخدمة استشاري، وهي منصفة لأصحاب الحق، مبدية اعتقادها أنّ الوزير سيكمل بها الى آخر المشوار «اللهم إلا إذا رفض وزير المالية توقيعها، وهذه فرضية مستبعدة من شأنها أن تظهر الثنائي معترضاً على إعطاء الحق لإصحابه».