لبنان يستنجد بالشمس لحل أزمة الكهرباء!
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
الشعب اللبناني عموماً محب للحياة لا يتوانى عن «اختراع البدائل» وقت الأزمات الصعبة بالرغم من الكوارث التي حلت به ومازالت تلاحقه، ومن السهل أن ترى عيناك ألواح الطاقة الشمسية في أي منطقة لبنانية تزورها، وأخيراً عثروا على حل لأزمة انقطاع الكهرباء بالتوجه نحو الطاقة النظيفة، فكانت الشمس الملجأ الوحيد الذي استعانوا به للتغلب على مشكلة الكهرباء.
استفاد اللبنانيون من فشل وعجز الدولة عن تأمين الكهرباء وحولوا الأزمة إلى فرصة للتغيير نحو الأحسن بيئياً وصحياً ومالياً، لكن بالطبع لمن هو قادر على تركيب ألواح الطاقة الشمسية باعتبارها البديل الأنسب.
تسمع الشكاوى والتذمر من انقطاع كهرباء الدولة أينما جلست أو ذهبت، وهناك قرى لم تذق طعم الكهرباء منذ أسابيع وإن جاءت فلا تتعدى حدود الساعة!
لقد حلت ألواح الطاقة الشمسية محل المولدات الخاصة التي تعمل بالديزل، وباتت الوسيلة المفضلة لدى أغلبية الناس للحصول على طاقة كهربائية نظيفة ومستدامة.
لم ينتظر اللبنانيون الدولة بل بادروا إلى استيراد وتركيب ألواح الطاقة، بحيث أصبحت سوقاً رائجاً وحديث المواطنين، والناس هنا بطبيعتهم يمشون مع «الموضة» باللغة الدارجة، فما إن تبادر قرية أو شركة أو بيت إلى استخدام الطاقة الشمسية حتى يتبعه الجيران.
خبراء الاقتصاد يتحدثون عن أن هذا السوق ضخت فيه استثمارات تقدر بنحو 500 مليون دولار حتى الآن، وأن ما تم تركيبه حتى 2021 من ألواح للطاقة الشمسية ينتج نحو 150 ميغاواط، والتوقعات تشير إلى أنه سيسجل في عام 2022 إنتاج 250 ميغاواط في حين أن إجمالي استهلاك الكهرباء في لبنان وعلى مدار الساعة يصل إلى نحو 400 ميغاواط سنوياً… بمعنى أن الطاقة الشمسية اليوم تغطي أقل من نصف حاجة اللبنانيين من الكهرباء.
هناك إجماع في الرأي يقول إن كلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية أرخص من كلفة إنتاجها من أي مصدر آخر للطاقة، فقد وصل عدد الشركات المسجلة والمختصة إلى 140 شركة، لكن «الفرحة» لم تكتمل عند المستهلكين بعدما دخل على خط الاتجار بالطاقة بائعو الخضار وأصحاب المطاعم من غير أصحاب الاختصاص، وهذا ما تم التحذير من عواقبه.
مشكلة الطاقة في لبنان مزمنة وعمرها يزيد على العشرين سنة والوزراء الذين تناوبوا على شغل هذه الوزارة متهمون بالسرقة و»الرشاوى» و»الحرمنة» والمتاجرة بحياة الناس، ونصف الدَّين اللبناني استهلكه قطاع الكهرباء الذي أنفقت عليه أموال بنحو 40 مليار دولار لم يستفد منها اللبنانيون، بل تبخرت عند أعتاب الوزراء والمستفيدين سياسياً من «توزير» أحد المحسوبين على هذا التكتل أو تلك الطائفة.
ما جرى أن «الدولة المنهوبة» توقفت عن تقديم الدعم للوقود، الأمر الذي أدى إلى زيادة أسعار فواتير اشتراك المولدات الكهربائية، فقد عجزت عن تأمين الوقود لتشغيل المعامل التي تنتج الكهرباء، وبات هذا القطاع على شفير الانهيار… كل تلك العوامل عجلت بالبحث عن البديل، إضافة للأزمة الاقتصادية المستفحلة والصراع العبثي والمميت بين زعماء الميليشيات والطوائف ومن بيده أمر السلطة.
ربما كانت المبادرة الإيجابية بتشجيع أصحاب الدخل المحدود والمتوسط على اللجوء لتركيب ألواح الطاقة الشمسية هي «الوحيدة» التي تنسب إلى الدولة بمنح قروض مسيرة تتراوح بين 3 آلاف دولار و7 آلاف أي 80 في المئة من تكلفة المشروع، وبفائدة أقل من 5 في المئة سنوياً.
سينعم اللبنانيون المقتدرون بكهرباء الطاقة الشمسية هذا الصيف، وإن انخفضت كمية الكيلواط بالشتاء مع غياب الشمس أياماً طوالاً، لكنه حل سيعمّر إلى عشرين سنة قادمة تقريباً، وسيسهم في انخفاض انبعاثات الكربون بنسبة 40 في المئة، ويحافظ على جودة المناخ ويقلل جداً من فاتورة الوقود الباهظة الثمن.
نقطة ضوء في آخر النفق المظلم، هكذا أحيت الطاقة الشمسية حياة اللبنانيين إلى حد ما، دون الاعتماد على الدولة ومشاريعها المؤجلة.