قمة جدة
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

هذا ليس عنواناً لرواية أو لفيلم سينمائي بل هو قصة بايدن وقمة جدة التي ذهب إليها وهو يعلم علماً كاملاً بأنه لن يحقق أهدافه، باختصار شديد كان الرئيس جو بايدن الذي أرهقته الحرب في أوكرانيا، وأرهقت أوروبا معه يريد من «محطة جدة» أن تكون بمثابة «سترة نجاة» تنقذه من التداعيات الاقتصادية التي انعكست على اقتصاد بلاده وعلى الحياة العامة للشعب الأميركي بسبب العقوبات غير المدروسة التي فرضها على روسيا وتحديداً في مجال الطاقة، حيث وصل معدل التضخم في أميركا قبيل بدء جولته في المنطقة إلى 8.6% وهي الأعلى منذ أكثر من أربعين عاماً، وهو ما دفعه للقول وبمرارة (علينا بذل جهد أكبر وأسرع لإبطاء التضخم…، وستواصل إدارتي فعل كل ما في وسعها لخفض الأسعار للشعب الأميركي)، وبخاصة وبعد أن لمس ووفقاً لاستطلاعات الراي تراجع شعبيته وشعبية الحزب الديمقراطي الذي يدخل منافسة ضارية مع الجمهوريين استعداداً للانتخابات النصفية للكونغرس، حيث أظهر آخر استطلاع للرأي أجرته «رويترز/ إبسوس» قبيل جولته في المنطقة أن معدل التأييد الشعبي له قد انخفض إلى 39%، ليقترب من أدنى مستوى له خلال رئاسته، ووجد الاستطلاع الذي أجري على مدار يومين أن 56% من الأميركيين غير راضين عن أداء بايدن تماماً، هذا هو الدافع الرئيسي لبايدن لزيارة المنطقة والتوقف في المحطة القاسية بالنسبة له وأقصد هنا محطة جدة التى واجه فيها ندية عالية من قبل القيادة السعودية.

 

كانت آلة الدعاية الأميركية قد سبقت جولة بايدن بجملة من الأخبار غير الصحيحة التي كانت تهدف إلى خلق انطباع بأن بايدن قادم للمنطقة من أجل اكمال منظومة التطبيع بين الاحتلال الإسرائيلي ودول الخليج لتشمل العربية السعودية، بالإضافة إلى بناء ما أطلق عليه «ناتو شرق أوسطي» تكون دولة الاحتلال عضواً أساسياً فيه يستهدف ما يسمى بـ”الخطر الإيراني» على الإقليم، ويبدو أن هذه الدعاية المضللة كان القصد منها مزيداً من مغازلة «اللوبي الصهيوني في أميركا وكذلك الجماعات الانجيلية الصهيونية «لكسب أصواتهم في الانتخابات النصفية للكونغرس، والحقيقة لا أعلم من هو هذا «العبقري» داخل البيت الأبيض أو في الادارة الذي رسم هذه الخطة الدعائية الفاشلة التى سرعان ما تبين أنها عديمة التأثير.

 

الأكثر حيرة أن الإدارة الأميركية كانت تعلم علم اليقين أن القادة العرب الذين سيجتمعون في جدة رافضين لفكرة «ناتو شرق أوسطي مع الاحتلال ضد إيران» كما كانت الإدارة تعلم أنهم لن يوافقوا على خطوات تطبيعية مع الاحتلال بدون أن تقابل تلك الخطوات باختراق على صعيد معادلة «الأرض مقابل السلام» حيث أُبلغت الإدارة بذلك رسمياً، والأهم من كل ما سبق كانت الإدارة تعلم أن هدفها الأساسي من قمة جدة والمتمثل بدفع دول الخليج العربية إلى زيادة إنتاج النفط والغاز هو مرفوض تماماً.

 

يعيش بايدن وإدارته ولربما الولايات المتحدة برمتها الخريف ذاته الذي عاشه شاه إيران في يوم من الأيام وغيره من الاسماء، مع فارق واحد أن بايدن سيسقط بصناديق الاقتراع فيما الآخرون سقطوا بأساليب اخرى مختلفة.

زر الذهاب إلى الأعلى