خذوا صالح.. وغلّوه
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

أصدر وزير المالية، رئيس مجلس إدارة الصندوق السيادي للدولة، الذي يدير أموالاً تقارب 800 مليار دولار، قراراً بإقالة الشخصية السيد صالح العتيقي، المدير التنفيذي لمكتب الاستثمار في لندن، الذي تدار من خلاله غالبية عمليات الصندوق الاستثماري، الذي يعتبر الذراع الرئيسية للهيئة.

صدر الإعفاء بصورة مفاجئة وفورية، وحتى من دون إعطاء الرئيس التنفيذي فترة الأشهر الثلاثة المعتادة.

وجد قرار الإقالة، لخطورته وأهميته، صداه الواسع في كل الصحف الغربية، وبالذات البريطانية، لما لمكتب لندن، الذي سيبلغ الثمانين من العمر قريباً، من أهمية اقتصادية. وورد في «الفايننشال تايمز» أن قرار إقالة العتيقي جاء بعد فترة من عدم الاستقرار وتزايد تغيير القياديين الإداريين ووسط معارك قضائية مع موظفين كبار سابقين في المكتب، الذي يتبع عادة سياسة متحفظة في تفسير أو تبرير قراراته الاستثمارية أو ما يتعلق بالتعيينات والإقالات.

بدأ السيد صالح العتيقي عمله رئيساً لمكتب لندن في 2018، وكان قبله يعمل في شركة ماكنزي للاستشارات المالية. ولم يقبل بقرار إقالته بتلك الصورة المهينة، وقام من فوره، ربما لشعوره بالغبن أو الظلم، بطلب التحقيق في ظروف إقالته، ومحاكمة وزير المالية!

***

لا أعرف السيد العتيقي، وليس بيني وبينه أي اتصال، ولن أتخذ موقفاً مؤيداً أو معارضاً له، خاصة أن جهات مختصة تحقق في الأمر، ولكني معني بسمعة الدولة وسمعة كبار الموظفين العاملين بها، خاصة بعد الذي تعرض له النائب العام السابق، الأستاذ ضرار العسعوسي، من تصرف غير متوقع في إجراءات إنهاء خدماته!

ضرر التصرف الخطأ مع السيد العتيقي كان سيئاً بكل المقاييس، فقد تأثرت سمعة مكتب الكويت للاستثمار في لندن، الذي يعمل منذ ثمانية عقود بصمت بعيداً عن أي فضائح، تعرضت لفضيحة يمكن وصفها بالأخلاقية! ولاكت ألسن وأقلام كبار الصحافيين والمعلقين سمعة المكتب المرموق ومسؤوليه وطريقة إدارته وسمعة الكويت المالية بالتالي، وكان من الأفضل قيام المسؤولين باستدعاء الرجل بصمت، وإنهاء خدماته بطريقة لائقة، مع تكريمه، إن استحق ذلك، أو محاسبته تالياً، إن كان هناك ما يتطلب ذلك!

لقد أخطأت هيئة الاستثمار كثيراً في طريقة معالجة إقالة الرئيس التنفيذي لاستثمارات الدولة في لندن، وأخطأ وزير المالية، الطرف السياسي في القرار، المعني أكثر بالموضوع، فقد أساء لسمعة المكتب وسمعة استثمارات الدولة في ظروف صعبة جداً تمر بها الأسواق المالية العالمية!

القضية برمتها لم تكن تستحق كل هذه المسرحية، بإخراجها السيئ، والتبعات القانونية لقرار الوزير وهيئة الاستثمار، ولم يكن الأمر يستحق كل هذا الصراع المكلف والمرهق، الذي سيدخله الطرفان في أروقة المحاكم، وكل ذلك على حساب سمعة الدولة وصلابة استثماراتها، ومكتب الاستثمار، كما ورد في صحيفة الفايننشال تايمز المرموقة، يعيش في هذه الأيام حالة من الفوضى، بسبب غياب متخذ القرار، والخوف من تعرّض أي موظف كبير فيه لما تعرض له رئيس المكتب!

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى