السوري “راجي فلحوط قام بإنشاء حبوب الكبتاغون والهلوسة وعمل على نشرها بين أوساط شبان السويداء وتهريبها بكميات أكبر إلى الأردن”

النشرة الدولية

الحرة –

فتحت المواجهات التي شهدتها السويداء السورية، الأسبوع الماضي، باب الحديث عن “قضية أوسع”، تعتبر “جدلية” بالنسبة للكثير من أبناء المحافظة، من ناشطين وقادة تشكيلات عسكرية محلية.

وفي الوقت الذي لم تمض فيه أيام قليلة على المواجهات غير المسبوقة، التي أسفرت عن إنهاء وتصفية عناصر ومجموعة “قوات الفجر” التي يقودها راجي فلحوط، المتهم بالارتباط بـ”شعبة المخابرات العسكرية”، أعلن “ليث البلعوس” نجل مؤسس “حركة رجال الكرامة” أن ما حصل “بداية اجتثاث التمدد الإيراني والشيعي في المنطقة”، حسب تعبيره.

وظهر البلعوس في تسجيل مصور نشرته شبكات محلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يقول: “الأمر لم يكن متوقفا على راجي فلحوط. نحن حذرنا منذ زمن من ما يدار داخل أقبية المخابرات”.

وأضاف: “القضاء على عصابة فلحوط كان البداية فقط. بهدف اجتثاث التمدد الإيراني الشيعي في المنطقة”.

وجاء ذلك بعدما نشرت “حركة رجال الكرامة”، التي تحظى بشعبية كبيرة في السويداء، صورا عبر حساباتها الرسمية، تظهر “آلات ومكابس لتصنيع حبوب الهلوسة والحب المخدر”، حيث “تم ضبطها في منزل المدعو راجي فلحوط، أثناء عمليات التمشيط عقب الاقتحام”.

وكان الجنوب السوري، الذي تتصدره محافظتي السويداء ودرعا، شهد وخلال الفترة الأخيرة تصاعدا بعمليات تهريب حبوب “الكبتاغون”، الأمر الذي أثار غضب الأردن، ودفعه لـ”تغيير قواعد الاشتباك” على حدوده الشمالية.

وبينما لا يعرف بالتحديد وبشكل رسمي، اسم الجهات التي تقف وراء هذا النوع من عمليات التهريب، التي باتت تثير مخاوف الإقليم والعالم، وجهت أصابع الاتهام لأكثر من مرة لميليشيات تدعمها طهران، و”حزب الله” اللبناني، في الجنوب السوري. وذلك ما أشار إليه ملك الأردن، عبد الله الثاني، في تصريحات منفصلة.

هل لإيران مصلحة في السويداء؟

ولطالما تطرق محللون ونشطاء سوريون ومراكز أبحاث إلى “الدور الذي تحاول تعزيزه إيران” في الجنوب السوري، خاصة في محافظة درعا، إضافة إلى محافظة السويداء، التي قال البلعوس صراحة إن اشتباكاتها الأخيرة كانت لـ”اجتثاث التمدد الإيراني”.

ورغم أن اسم “ليث البلعوس” يرتبط بشكل أساسي بوالده “وحيد”  الذي اغتيل في يوليو 2015، إلا أنه في الوقت الحالي لا يعتبر من عناصر أو قادة “حركة رجال الكرامة”، أبرز وأكبر التشكيلات في السويداء.

ومنذ 2016 كان “ليث” قد تنقل على أكثر من ضفة، بعد “عزله” من “الحركة”، أولا بنشاطه في فصائل “الشريان الواحد”، ومن ثم تأسيسه “قوات شيخ الكرامة”، ومؤخرا خلال عمله ضمن صفوف “حزب اللواء”، الذي انشق عنه.

وخلال الأيام الماضية كان هو ومجموعته ضمن التشكيلات التي هاجمت مقرات “راجي فلحوط” في قرية عتيل، انتهاء بالسيطرة عليها، وقتل العديد من العناصر، دون أن يعرف مصير الأخير حتى اللحظة.

ويرى الصحفي ريان معروف، وهو مدير تحرير شبكة “السويداء 24″، أن موضوع الانتشار والدور الإيراني في السويداء “جدلي”، موضحا أن إيران ليس لها نقاط أو مواقع عسكرية في المحافظة”.

لكنه يقول في حديث لموقع “الحرة”: “الأهم بالنسبة لإيران وحزب الله اللبناني في المحافظة هو موضوع المخدرات”، مضيفا: “دورهم أراه اقتصاديا على نحو أكبر. يريدان إبقاء الجنوب في حالة انفلات أمني، كي تكون عمليات التهريب إلى الأردن مستمرة”.

“المجموعات المحلية مثل قوات الفجر التي يقودها راجي فلحوط كان أبرز ملامح تعاملها مع حزب الله هو صناعة المخدرات. كان لهم معمل وعناصر أتوا مؤخرا للمساعدة في إنشاء وتجهيز المقرات”.

ويتابع معروف من جانب آخر: “إيران ومشروعها ليس له أي حاضنة في السويداء. هناك حساسيات دينية بالدرجة الأولى. الدروز لديهم فوبيا من أي ديانة تبشيرية”.

وعلاوة على ذلك يرى الصحفي أن “المشروع الإيراني أيضا لا تقبله الحاضنة، ضمن سياق النزعة القومية. الدروز العرب يعتزون ويفتخرون بانتمائهم العربي”. “الناس تتحدث بشكل علني في المحافظة أنها تعارض المشروع الإيراني. المجتمع المحلي لا يقبله، ولا يمكن أن يقبله”، بحسبه.

“تكميلي.. سد ثغرات”

في غضون ذلك يتقاطع الحديث السابق مع ما يشير إليه الباحث السوري في “مركز عمران للدرسات الاستراتيجة”، نوار شعبان، حيث يقول إن “دور إيران في السويداء تكميلي”.

ويضيف لموقع “الحرة”: “إيران استثمرت في درعا أكثر من السويداء، لكنها تحاول في الأخيرة اللعب في بعض الثغرات، من خلال الأفرع الأمنية السورية، على رأسها الأمن العسكري”.

“راجي فلحوط وغيره من قادة الميليشيات يتبعون للأجهزة الأمنية ذات الولاء لإيران”.

ويؤكد شعبان أن “السويداء تعتبر منطقة مكمّلة لدرعا من ناحية الدعم اللوجستي لعمليات التهريب”.

ويوضح حديثه: “لو كانت بقعة للانتشار العسكري لقصفت إسرائيل المواقع. الأمر لدعم التهريب لا أكثر”، بينما يجب الإشارة إلى أن “علاقة إيران تقرأ بسياق الارتباط بالأمن العسكري، بعيدا عن الميليشيات، التي تذهب وقد يأتي غيرها”.

ويقود الفرع الأمني في الوقت الحالي، العميد أيمن محمد، فيما يرى نشطاء السويداء أن الملف يتعدى الاسم الموجود إلى رئيس “شعبة المخابرات العسكرية” الحالي، كفاح ملحم.

وسبق أن قال الصحفي، ريان معروف لموقع “الحرة” إن “فرع الأمن العسكري في السويداء ومنذ سنوات وتحديدا في عام 2015، يستقطب الجماعات المحلية المسلحة، ويعمل على تجنيدها وتسوية أوضاعها ومنح أفرادها السلاح والبطاقات المؤقتة، رغم أن الكثير من هذه الجماعات متورطة بعمليات الخطف والقتل والانتهاكات”.

وأضاف أنه “يحاول تنفيذ أجندته من خلال هذه الجماعات والعصابات”، وأن “النظام يتعامل بنعومة مع محافظة السويداء، منذ بداية الثورة في سوريا، ومع تنامي قوة الفصائل المحلية عام 2015، أصبح بحاجة لجماعات محلية مسلحة تعمل بتوجيهاته، فكان الأمن العسكري له الدور البارز”.

ونادرا ما تخرج تعليقات من جانب النظام السوري حول ما شهدته وتشهده السويداء في الوقت الحالي، فيما تغيب ردود أفعاله عن الاتهامات الأخيرة المتعلقة باسم “راجي فلحوط”، وارتباطاته الأمنية.

بدوره كتب جهاد بركات وهوي قيادي في “الجيش السوري”، ينشط بشكل ملحوظ عبر “تويتر” إن “كل ما يشاع عن أن شعبة المخابرات العسكرية هي من تدعم راجي فلحوط غير صحيح، وهو من أخطر المطلوبين للدولة والقضاء السوري”.

وأضاف بركات: “هناك عصابات اقتتلت فيما بينها، فكان لابد من اتهام جهة أمنية أو عسكرية أو إيران أو حزب الله”.

“اعترافات ولبنانيون”

وحتى الآن تؤكد “حركة رجال الكرامة” التي كانت على رأس الهجوم الأخير في السويداء أن “عملياتها مستمرة لاجتثاث” ما تصفها بـ”العصابات الإرهابية، التي امتهنت صناعة الحبوب المخدرة”.

“أبو تيمور”، المسؤول الإعلامي في “الحركة” قال لموقع “الحرة” إن “راجي فلحوط قام بإنشاء حبوب الكبتاغون والهلوسة، وعمل على نشرها بين أوساط شبان السويداء، وتهريبها بكميات أكبر إلى الأردن”.

وكشف المسؤول الإعلامي أن “عناصر راجي فلحوط الذين تم إلقاء القبض عليهم أثبتوا وجود عناصر لبنانيين. هم اعترفوا أن هناك عناصر لبنانية ترتدي بزات عسكرية عملت على تعليم قوات فلحوط عمليات طبخ وتحضير المواد المخدرة، وتعليبها، بينما تم تسهيل طرق الإمداد بالمواد الأولية من دمشق”.

“المخططات اللبنانية والإيرانية في السويداء تهدف إلى تسهيل عملية تجارة وصناعة المخدرات، كونها موردا أساسيا لهذا التيار”، حسب ذات المتحدث.

ويضيف: “حسب ما نلاحظ ليس لإيران أي وجود عسكري في السويداء، ولا حقيقي. هناك مصالح يقوم بتحقيقها أشخاص من أبناء جلدتنا، وبتسهيل من الأجهزة الأمنية”.

واعتبر “أبو تيمور” أن “حركة رجال الكرامة تفضّل أن يبقى الخيار في سوريا وطني محلي يهدف لتحقيق مطامح الشعب السوري. مشاريع الدول الخارجية على اختلاف أنواعها هي مشاريع أضرت بسوريا ومصلحة الشعب السوري”.

وتابع: “هناك مخططات دولية كثيرة سواء كانت شرقية أو غربية في المحافظة. كله يتم برعاية وتسهيل الأجهزة الأمنية”، حسب تعبيره.

زر الذهاب إلى الأعلى