رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يحذر من أي تدهور سريع للوضع في محطة “زابوروجيا” وتحولها لكارثة نووية حقيقية
روسيا وأوكرانيا يتبادلان أمام مجلس الأمن الإتهامات بمحاولات تفجير الوضع الأمني في محيط المحطة النووية الأكبر في أوروبا
الأمم المتحدة – النشرة الدولية –
حذر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل ماريانو غروسي، من أي تدهور سريع للوضع في محطة زابوروجيا للطاقة النووية، معبرا عن قلقه البالغ إزاء ما وصلت إليه الحالة في المحطة ومحيطها.
وأبلغ غروسي خلال إحاطته أمام الإجتماع الخاص الذي عقده أعضاء مجلس الأمن مساء أمس بتوقيت نيويورك، بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية على اتصال متكرر مع كل من أوكرانيا وروسيا للتأكد من اتضاح الصورة لديها مع تطور الوضع الراهن,
وحذر من العواقب الوخيمة للغاية التي قد تسببها العمليات العسكرية بالقرب من منشأة نووية كبيرة كهذه، لافتا إلى تداعيات القصف الذي تعرضت لها محطة زابوروجيا، في الخامس من أغسطس الجاري، مما تسبب في حدوث عدة انفجارات بالقرب من لوحة مفاتيح الكهرباء وانقطاع التيار الكهربائي.
وأشار إلى فصل وحدة مفاعل واحدة عن الشبكة الكهربائية، مما أدى إلى تشغيل نظام الحماية في حالات الطوارئ وتشغيل الموّلدات لضمان توفير الطاقة.
كما أوضح حيثيات القصف الذي وقع على محطة النيتروجين والأكسجين، مشيرا إلى أن ورغم أن رجال الإطفاء قد أخمدوا النيران، إلا أنه لا يزال يتعين فحص وتقييم الإصلاحات.
وأبلغ رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعضاء مجلس الأمن، على أنه ورغم أن التقييم الأولي لخبراء الوكالة أكد على عدم وجود تهديد مباشر للسلامة النووية نتيجة القصف أو الأعمال العسكرية الأخرى، إلا أنه حذر من أن هذا يمكن أن يتغيّر في أي لحظة.
وكان غروسي قد حدد خلال خطابه الأخير أمام المؤتمر الاستعراضي العاشر للأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المنعقد حاليا في نيويورك، على سبع ركائز حاسمة لا غنى عنها لضمان السلامة والأمن النوويين، بما فيها جوانب التعامل مع السلامة المادية للمحطة، وإمدادات الطاقة خارج الموقع، وأنظمة التبريد، وتدابير الاستعداد للطوارئ. لاقتا إلى أن كل هذه الركائز تم اختراقها إن لم يتم انتهاكها بالكامل في وقت أو آخر خلال الأزمة الحالية.
وحذر من أي كارثة نووية ستكون غير مقبولة، وبالتالي ينبغي أن يكون منعها هو الهدف الحالي الشامل للمجتمع الدولي.
وطلب غروسي من الجانبين المعنيين التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال هذه المرحلة الخطيرة، كما دعا أيضا للسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقيام بمهمتها في زابوروجيا في أسرع وقت ممكن.
ومن جانبه إتهم مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، القوات الأوكرانية بإستخدام المدفعية الثقيلة ضد زابوروجيا بتاريخ 5 أغسطس الجاري، حيث قصفت المنشأة أثناء تغيير نوبة الموظفين، لتخويف مواطنيها. وأكد أيضا بأنه بتاريخ 6 أغسطس، هاجمت تلك القوات باستخدام الذخائر العنقودية.
وألقى السفير الروسي باللوم على كييف لرفضها التوقيع على وثيقة ثلاثية صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدا أن موسكو تلتزم بدقة بالركائز السبع للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
بينما طالب مندوب أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فولوديمير زيلينسكي، بضرورة إلتزام روسيا بسحب قواتها من المحطة لضمان عودة المحطة إلى السيطرة الشرعية لأوكرانيا كسبيل وحيد لإزالة التهديد النووي في زابوروجيا. وأصر أيضا على الحاجة إلى إرسال بعثة مراقبة إلى الموقع وأشار إلى أنه تفاوض بشأن الطرائق مع الوكالة. وقال: “على الرغم من تصريحاتهم العلنية، إلا أن المحتلين لجأوا إلى التلاعب و[خلق] ظروف غير مبررة لزيارة الموقع.”
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد عبر خلال بيان له وزعه بمقر الأمم المتحدة قُبيل إنعقاد إجتماع أعضاء مجلس الأمن، عن قلقه البالغ إزاء تطور الوضع في محطة زابوروجيا للطاقة النووية – ومحيطها – في جنوب أوكرانيا، مناشدا جميع الأطراف المعنية ممارسة الحس السليم والحكمة وعدم اتخاذ أي إجراءات قد تعرض للخطر السلامة المادية أو أمن أو أمان المحطة النووية – الأكبر من نوعها في أوروبا.
وقال الأمين العام في بيان صادر، اليوم الخميس: “للأسف، بدلا من خفض التصعيد، وردت تقارير- على مدى الأيام العديدة الماضية- عن مزيد من الحوادث المقلقة للغاية والتي يمكن أن تؤدي – إذا استمرت – إلى كارثة”.
ودعا السيد أنطونيو غوتيرش القوات العسكرية التابعة للاتحاد الروسي وأوكرانيا إلى الوقف الفوري لجميع الأنشطة العسكرية في المنطقة المجاورة للمحطة وعدم استهداف منشآتها أو المناطق المحيطة بها. كما حث على سحب أي أفراد ومعدات عسكرية من المحطة النووية والامتناع عن أي نشر إضافي للقوات أو المعدات في الموقع.
“يجب عدم استخدام المنشأة كجزء من أي عملية عسكرية. وبدلا من ذلك، هناك حاجة إلى اتفاق عاجل، على المستوى الفني، بشأن محيط آمن من نزع السلاح لضمان سلامة المنطقة”.
وتعهد بأن تواصل الأمم المتحدة دعمها الكامل للعمل المهم الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وجهودها لضمان التشغيل الآمن لمحطة زابوروجيا للطاقة النووية. وحث الطرفين على منح بعثة الوكالة الدولية وصولا فوريا وآمنا وغير مقيد إلى الموقع.
واختتم الأمين العام بيانه بالقول “لنكن واضحين أن أي ضرر محتمل يلحق بمحطة زابوروجيا أو أي منشآت نووية أخرى في أوكرانيا، أو في أي مكان آخر، يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة ليس فقط على المنطقة المجاورة، ولكن على الإقليم وما هو أبعد منه. هذا غير مقبول على الإطلاق”.